لا ينظر فيه غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت، وينظر في الساعة الثانية في عدن؛ وهي مسكنه الذي يسكنه لا يكون معه فيها الّا الأنبياء والشهداء والصدّيقون، وفيها ما لم يرَ أحد ولا خطر على قلب بشر، ثمّ يهبط آخر ساعة من الليل فيقول: ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له، ألا سائل يسألني فاُعطيه، ألا داعٍ يدعوني فأستجيب له، حتّى يطلع الفجر، وكذا قال الله عزّ و جلّ: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)۱ يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار».۲
۵.أبو نعيم الأصبهاني: حدّثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو مسلم الكشّي، ثنا عبدالعزيز بن الخطّاب، ثنا سهل بن شعيب، عن أبي عليّ الصيقل، عن عبد الأعلى، عن نوف البكالي، قال: رأيت عليّ بن أبي طالب علیه السلام خرج فنظر إلى النجوم فقال:
«يا نوف، أراقد أنت أم رامق؟»، قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، فقال:
«يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولٰئك قوم اتّخذوا الأرض بساطاً، وترابها فراشاً، وماءها طيباً، والقرآن والدعاء دثاراً وشعاراً، قرضوا الدنيا على منهاج المسيح علیه السلام... يا نوف، لا تكن شاعراً ولا عريفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا عشّاراً؛ فإنّ داود علیه السلام قام في ساعة من الليل فقال: إنّها ساعة لا يدعو عبد إلّا أستجيب له فيها، إلّا أن يكون عريفاً أو شرطياً أو جابياً أو عشّاراً أو صاحب عرطبة - وهو الطنبور - أو صاحب كوبة - وهو الطبل - ».۳
۶.أبو نعيم الأصبهاني بإسناده: حدّثنا أبو يعلى الحسين بن محمّد الزبيري، ثنا محمّد بن المسيّب، ثنا اسحاق بن الجرّاح، ثنا الحسين بن زياد، قال: أخذ فضيل بن عياض بيدي، فقال: يا حسين، ينزل الله تعالى كلّ ليلة إلى سماء الدنيا فيقول الربّ:
«من ادّعى محبّتي إذا جنّه الليل نام عني! أليس كلّ حبيب يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا ذا مطّلع على أحبّائي إذا جنّهم الليل، مثلت نفسي بين أعينهم، فخاطبوني على المشاهدة، وكلّموني على حضوري، غداً اُقرّ أعين أحبّائي في جنّاتي».۴
وتقدّم في الباب ۹ من أبواب الوضوء وفي الباب ۲۵ و ۲۶ من هذه الأبواب ويأتي في الباب ۴۱ و ۴۴ من أبواب صلاة الجمعة ما يدلّ عليه.