203
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».۱

ويعتقد كثير من المفسّرين أنّ الوعد الإلهيّ في تفوّق أتباع عيسى عليه‏السلام على من أنكر نبوّته سيستمرّ إلى نهاية الدنيا۲ ؛ أي أنّه ينبغي وجود أُناس آخرين إلى يوم القيامة يُنكرون رسالة عيسى عليه‏السلام، وهذا يثبت وجود أديان أُخرى في المجتمع المهدويّ، ونظراً إلى أنّ جميع المفسّرين تقريباً عندما تعرّضوا إلى تعيين مصداق الكافرين بعيسى عليه‏السلام اعتبروا المكذّبين من اليهود۳، فما يتبقّى من الديانات هي من سنخ أهل الكتاب، ولا تشمل الديانات غير السماويّة.

وفي الوقت ذاته ينبغي الالتفات إلى أنّ المراد من أتباع عيسى عليه‏السلام ليس من سمّوا أنفسهم باسمه ولم يسلّموا لأوامره، بل الذين اتّبعوه وسلّموا له حقيقة، وهذا يشمل فقط جماعة من المسيحيّين والمسلمين الحقيقيّين.۴

1.. آل عمران: ۵۵.

2.. مثل العلاّمة الطباطبائيّ في الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۲۰۸ والسمعانيّ في تفسير السمعاني: ج ۱ ص ۳۲۴ وابن تيمية في دقائق التفسير: ج ۱ ص ۳۱۱ وابن عطية الأندلسي في المحرز الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: ج ۱ ص ۴۴۴ والبغويّ في معالم التنزيل: ج ۱ ص ۴۸، ومكارم الشيرازيّ في الأمثل في تفسير كتاب اللّه‏ المنزل: ج ۲ ص ۴۳۲، وغيرهم.

3.. فعلى سبيل المثال راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۲۱۰ وتفسير الصافي: ج ۱ ص ۳۴۱ والتبيان في تفسير القرآن: ج ۲ ص ۴۷۸ ومجمع البيان: ج ۲ ص ۷۵۹.

4.. يرى عامّة المفسّرين هذا التفسير، فنقل الشيخ الطوسيّ في تفسيره عن حسن وقتادة وربيع المعنى نفسه،ووافق عليه هو أيضاً راجع: التبيان في تفسير القرآن: ج ۲ ص ۴۷. كما أبدى الآخرون نظير هذا الرأي أيضاً، مثل العلاّمة الطباطبائيّ في الميزان في تفسير القرآن: ج ۳ ص ۲۰ والعامليّ في الوجيز: ج ۱ ص ۲۴۱ والموسويّ السبزواريّ في مواهب الرحمن: ج ۵ ص ۳۲ والطبرسيّ في مجمع البيان: ج ۲ ص ۷۵ والفيض الكاشانيّ في تفسير الصافي: ج ۱ ص ۳۴ والطبريّ في جامع البيان عن تأويل آي القرآن : ج ۳ ص ۲۰ وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم: ج ۲ ص ۶۶ والفخر الرازيّ في مفاتيح الغيب: ج ۸ ص ۲۳ والميبديّ في كشف الأسرار و عدّة الأبرار: ج ۲ ص ۱۳، وغيرهم.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
202

يَصْنَعُونَ».۱

كما نقرأ عن اليهود:

«وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ».۲

فعبارة: «فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» عن المسيحيّين، وعبارة «وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» عن اليهود، يُستفاد منهما أنّ عدداً منهم سيظلّون إلى يوم القيامة والعداوة دائمّة بينهم بسبب أعمالهم.۳

۲. تفوّق أتباع عيسى عليه‏السلام الحقيقيّين على الكفّار واليهود إلى يوم القيامة

أشار القرآن الكريم إلى مؤمرة اليهود لقتل عيسى عليه‏السلام وقال مخاطباً إيّاه: إنّ اللّه‏ منجّيك من الكفّار ـ أي اليهود ـ الذين كفروا برسالتك، وجاعل الذين اتّبعوك فوق هؤاء الكفّار إلى يوم القيامة:

«إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ

1.. المائدة: ۱۴.

2.. المائدة: ۶۴.

3.. توجد أقوال مختلفة في نوع العداء وكيفيّته، فنقل الطبرسيّ عن حسن ومجاهد وجماعة من المفسّرين أنّالمراد هو العداء بين اليهود والنصارى، كما ذكر أقوال ربيع والزجّاج والطبريّ أيضاً حيث ذكروا أنّ المراد هو العداء بين الطوائف المسيحيّة والطوائف اليهوديّة راجع: مجمع البيان: ج ۳ ص ۲۶۸ و ۳۴۰.
والقول الثاني أصحّ؛ لأنّ اسم النصارى فقط ورد في هذه الآية، وقيل بالعداوة بينهم، والآية الثانية ذكرت اليهود فقط وأخبرت أيضاً عن العداء بينهم، فيتّضح أنّ العداء بين طوائف كلّ واحد من ذينك الدينين بنحوٍ مستقلّ، وليس عداءً بين أتباع كلّ دين . وقوّى الطبرسيّ أيضاً الرأي الثاني.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8619
صفحه از 483
پرینت  ارسال به