93
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

ويُستفاد من هذه التحليلات أنّ أحاديث الظهور أو الخروج بالسيف ليست معتبرة تماماً من وجهة نظر بعض علماء الحديث الشيعة.

رابعاً: خلت أحاديث وارث السنّة والجفر الأحمر من أيّ دلالة على العنف، بل تدلّ على المصادر العلميّة للإمام المهديّ علیه السلام واطّلاعه على أحكام الشريعة الإسلاميّة، وهذا في حدّ ذاته معيار لأعماله غير خارجة عن الموازين الإسلاميّة.

النوع الثاني: القتال المسلّح

وجه الاشتراك بين هذه الأحاديث التي نُقلت عن الإمام الباقر عليه‏السلام بطرق متعدّدة، هو تطبيق هذه الآية على قيام الإمام المهديّ علیه السلام :

«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».۱

وقبل مفسّرو الإماميّة بتطبيقيّة هذه المجموعة من الأحاديث، وطبّقوا ـ وفقاً لها ـ مَفاد الآية على قيام الإمام المهديّ علیه السلام ، وطبّق بعض مفسّري أهل السنّة هذه الآية على نزول عيسى عليه‏السلام في آخر الزمان۲، ويمكن جمعه مع رأي الشيعة.

ولم يخالف سائر مفسّري أهل السنّة في تطبيق هذه الآية على ظهور الإمام المهديّ علیه السلام .۳

وزمان تحقّق هذه الآية وفقاً لهذه الأحاديث سيحدث في وقت ظهور الإمام المهديّ علیه السلام الذي سينشر التوحيد في الأرض ويثبّته باستئصال جذور الشرك. واستناداً إلى ظاهر تعبير: «وَقَاتِلُوهُمْ» في الآية المذكورة، فعمليّة نشر وتثبيت الإسلام بين الناس في أرجاء الكرة الأرضيّة ستتمّ بعمل الإمام عليه‏السلام المسلّح ضدّ أصحاب الفتنة والمخالفين. وأحاديث

1.. الأنفال: ۳۹.

2.. أحكام القرآن لابن عربي: ج ۲ ص ۸۵۴.

3.. روح المعاني: ج ۹ ص ۲۰۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
92

إلى أنّهم اعتبروه منوطاً بمجموعة شروط خاصّة ستتهيّأ عند ظهور الإمام المهديّ علیه السلام .

ثالثاً: حديث وراثة السيف من محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إشارة إلى استمرار السيرة النبويّة وتبلورها في قيام الإمام المهديّ علیه السلام ، وتؤّد على الصلة بينه وبين الأنبياء الإلهيّين الماضين.

والجملة الأخيرة من هذا الحديث وردت في بعض النصوص الأُخرى بالعبارات الآتية: «وسُنَّةٌ مِن مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في السَّيفِ يَظهَرُ بِهِ»۱، و «فَالخُروجُ بِالسِّيفِ»۲، ويُحتمل من تعدّد هذه التعابير حدوث نقل بالمعنى وتحريف وتصحيف في القسم الأخير من الرواية، ولكنّ النصّ المختار لدى بعض المحدّثين كالشيخ الصدوق هو: «القِيامُ بِسيرَتِهِ»۳ ؛ ولأنه ثقة واسع الاطّلاع على الحديث، فيمكن اعتبار نصّه هو المعيار للتشخيص في هذا التعبير.

وأمّا في غير هذا التعبير فصرّح الشيخ الطوسيّ في تعليقته بعد نقل هذا الحديث بأنّه قد تحقّق مضمون تمام هذا الخبر في شأن الإمام المهديّ علیه السلام ، ولكن خالفه بعض الباحثين ومنهم التستريّ.

وتناول الشيخ الطوسيّ من باب المثال دراسة دلالة مفهوم سجن الإمام المهديّ علیه السلام ، وقال بأنّ الإمام في حكم السجين وإن لم يُسجن۴ ؛ إذ لا يصل إليه أحد ولا يُعرف شخصه وكأنّه مسجون، ولكنّ التستريّ اعتبر القصد من حديث «سجن يوسف» غيبته عليه‏السلام وانقطاع خبره، ورأى تعبير: «أمّا يوسُفُ فَالسِّجنُ»۵ الوارد في الأحاديث الأُخرى من إضافات وتحريفات وخلط الواقفيّة في الأخبار۶، ولذلك لم يعتقد أنّ تأويله بالسجن المعنويّ على درجة عالية من الدقّة.۷

1.. إثبات الوصيّة: ص ۲۸۰.

2.. كمال الدين: ص ۳۲۲ ح ۳.

3.. المصدر السابق: ص ۳۲۹ ح ۱۱.

4.. الغيبة للطوسيّ: ص ۶۰.

5.. كمال الدين: ص ۱۵۳ ح ۱۶.

6.. قاموس الرجال: ج ۱۱ ص ۲۳.

7.. المصدر السابق: ج ۱۲ ص ۴۷۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8660
صفحه از 483
پرینت  ارسال به