91
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

ووفقاً لهذه الرؤة اعتقد السيّد محمّد الصدر في تحليل أحاديث التنبّؤبالمستقبل أنّه لا ينبغي حمل اللفظ على المصاديق القديمة المرافقة لزمن صدور الحديث، بل يجب اعتماد ما ينطوي عليه النصّ والظاهر من مصاديق ستوجد في زمن وقوع الحدث بالمستقبل ؛ لأنّ مرور الزمن يتسبّب في تغيير المصاديق إبّان كلّ مرحلة وقرن ؛ وعلى هذا الأساس ليس من المناسب فهم الأحاديث طبقاً لمفاهيم القرن الحاضر أيضاً، بل علينا أن نتصوّر لها مفاهيم ومصاديق تتواءم مع زمان تحقّق الحادث، وربّما سيقع بعد مئات السنين.۱

ثانياً: لا يتسامح الإمام المهديّ علیه السلام مع المخالفين والمعاندين ولا يداريهم كالأئمّة السابقين، وسيتعامل معهم بأُسلوب دفاعيّ إن أصروا على عنادهم.

وعبارة «جاءَ بِأمرٍ غَيرِ الَّذي كانَ»۲ ذات الطابع الوصفيّ والبيانيّ لعنوان صاحب السيف، ربما تعني أنّ طريقة تعامله عليه‏السلام مع المخالفين والمعاندين على خلاف سائر الأئمّة الماضين ؛ إذ سيرتكز على موضع القدرة السياسيّة والحكم، لا على الخوف والتقيّة، أو هي علامة على انتهاء مرحلة المداراة والتسامح مع المعاندين والمخالفين في عصر الظهور. وأحجم الأئمّة السابقون للإمام المهديّ علیه السلام عن العمل المسلّح في كلّ الظروف بسبب الأوضاع الثقافيّة والسياسيّة، واكتفوا بالتبليغ وإتمام الحجّة، ولكنّ الإمام المهديّ علیه السلام إضافة إلى ذلك سيستخدم القدرة العسكريّة أو السلاح لقمع المخالفين والدفاع عن كيان الإسلام. ويمكن تحليل هذا الأمر المهمّ وفقاً لما يقتضيه الحكم الإلهيّ أو الأوضاع السياسيّة والثقافيّة قبل الظهور.

ولعلّ هذا الحديث يعدّ نقداً ورفضاً لرأي الزيديّة والجماعات المسلّحة إبّان عهد الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام في وجوب الجهاد والقيام المسلّح على الإمام في تلك الأوضاع التاريخية غير المؤتية. وذكر الأئمّة عدم توفّر الأوضاع لمثل هذا القيام، إضافة

1.. المصدر السابق: ص ۱۸۸.

2.. راجع: ص ۷۳ ح ۱۶۷۶ و ص ۸۶ صاحب السيف.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
90

جيّد، وأسانيدها جديرة بالاعتماد. والحديث الوحيد للإمام علي عليه‏السلام ورد في مصدر غير شيعيّ، وهو شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، وفُقد من النسخ الحاليّة للنهج.

المفهوم والمقصود

التزمت أحاديث النوع الأوّل بالصمت عمّا إذا قُصد بالسيف سيف خاصّ كذي الفقار مثلاً، أو سيف عاديّ، أو رمز للقوّة العسكريّة والآلة الدفاعيّة.

ولا يدلّ المضمون المشترك لأحاديث «صاحب السيف» على العنف أو القتل وإراقة الدماء، ولا يمكن استفادة أُسلوب العنف والقتل أساساً من المفهوم اللغويّ وحتّى المفهوم العرفيّ لـ «صاحب السيف»، بل هو رمز للقدرة العسكريّة، أو الوسيلة الدفاعيّة اكتسبت استعمالاً خاصّاً في هذا المعنى خلال عصر صدور الحديث، وإلاّ ينبغي وصف كلّ صاحب سيف بالعنف والقتل، ولذلك يبدو أنّ «صاحب السيف» تعبير كنائيّ عن تسلّحه بالقوّة العسكريّة للدفاع وإحباط المتمرّدين من الأشخاص والعصابات لزعزعة أمن المجتمع حقداً وعناداً. وتُقدّم جميع الأحاديث شَفرات مختلفة للكشف عن الشخصيّة الدفاعيّة والعسكريّة للإمام المهديّ علیه السلام ، ويمكن استنباط الأُمور التالية منها بنحوٍ عامّ:

أوّلاً: يتسلّح الإمام المهديّ علیه السلام بأدوات عسكريّة ودفاعيّة عند ظهوره، وكلمة السيف رمز وكناية عن آلات الحرب والأسلحة المناسبة لعصر الظهور، وإن لم يفهم الناس في عصر صدور الأحاديث من هذه الكلمة سوى السيف نفسه، وربّما أضافوا إليه ما يتخيّلونه من دروع ورماح أيضاً.

واستخدم هذا النوع من الأحاديث مفاهيم معيّنة لها مصاديق محدّدة وخاصّة ممّا تداوله الناس في زمن صدورها، ولم يفهموا من تلك الألفاظ إلاّ المصاديق الموجودة آنذاك، في حين عنى بها النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أو الأئمّة عليهم‏السلام مصداقاً آخر سيظهر في زمن وقوع الحدث، وكمثال على اختلاط المفهوم بالمصداق، هو مفهوم السيف في أحاديثه.۱

1.. تاريخ الغيبة الكبرى: ص ۱۸۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8603
صفحه از 483
پرینت  ارسال به