319
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

علاقة الأمن بفلسفة الرسالة والإمامة

تفصح العلاقة بين الأمن الاجتماعيّ وفلسفة الرسالة والإمامة في الأحاديث الإسلاميّة عن دوره الرئيسيّ في تحقيق المثل العليا في النظام الإسلاميّ. وفي هذا السياق ورد عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه أجاب عن سؤل «بماذا أرسلك اللّه‏ُ؟» بقوله:

۰.بِأَن توصَلَ الأَرحامُ، وتُحقَنَ الدِّماءُ، وتُؤمَّنَ السُّبُلُ، وتُكسَرَ الأَوثانُ، ويُعبَدَ اللّه‏ُ وَحدَهُ لا يُشرَكَ بِهِ شَيءٌ.۱

كما اعتبر الإمام عليّ عليه‏السلام الإسلام بأنّه سرّ الأمان لمعتنقيه۲، وعدّ توفير الأمن الاجتماعيّ من جملة أهدافه في توليّة الزعامة، فقال:

۰.اللّهُمَّ إنَّك تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكنِ الَّذي كانَ مِنّا مُنافَسَةً في سُلطانٍ، ولاَ التِماسَ شَيءٍ مِن فُضولِ الحُطامِ، ولكِن لِنَرُدَّ المَعالِمَ مِن دينِكَ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِك، فَيَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ، وتُقامَ المُعَطَّلَةُ مِن حُدودِكَ.۳

المدينة المثاليّة في الأمن

سمّى القرآن الكريم مطلع شمس الإسلام المشرقة بـ «البلد الأمين»، وقد وضع الدين الإسلاميّ تشريعات خاصّة لتجنّب أيّ نوع من النزاع والحرب وإراقة الدماء في هذه الأرض المقدّسة۴، بحيث يأمن كلّ من يعيش في هذه المدينة من بشر وحيوانات وطيور ونبات أيضاً.

ويمكن القول بأنّ مكّة في الحقيقة هي المدينة الإسلاميّة النموذجيّة في الأمن، وينبغي

1.. مسند ابن حنبل: ج ۶ ص ۵۳ ح ۱۷۰۱۳، مسند الشاميّين: ج ۲ ص ۳۰ ح ۸۶۳، تاريخ دمشق: ج ۴۶ ص ۲۶۲.

2.. قال الإمام عليّ عليه‏السلام: «الحَمدُ للّه‏ِ الّذي شَرَعَ الإسلامَ... فَجَعَلَهُ أمناً لِمَن عَلِقَه» نهج البلاغة: الخطبة ۱۰۶.

3.. نهج البلاغة: الخطبة ۱۳۱، تحف العقول: ص ۲۳۹ نحوه عن الإمام الحسين عليه‏السلام، بحار الأنوار: ج ۳۴ ص ۱۱۱ح ۹۴۹، تذكرة الخواصّ: ص ۱۲۰ نقلاً عن عبد اللّه‏ بن صالح العجليّ.

4.. راجع المصادر الفقهيّة للاطّلاع على هذه التشريعات.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
318

قال للإمام الصادق عليه‏السلام: نخشى ألا نكون مؤنين؟ قال: ولِمَ ذاك؟ قال: ذلكَ أنّا لا نَجِدُ فينا مَن يكونُ أخوهُ آثرُ من دِرهَمهِ وديناره، ونَجِدُ الدّينارَ والدِّرهَمَ آثرَ عِندنا من أخٍ قَد جمعَ بينَنا وبينَهُ موالاةُ أميرِ المؤنينَ عليه‏السلام ! فقال عليه‏السلام:

۰.كَلاّ، إنَّكُم مُؤِنونَ، ولكن لا يَكمُلُ إيمانُكُم حَتّى يَخرُجَ قائِمُنا، فَعِندَها يَجمَعُ اللّه‏ُ أحلامَكُم فَتَكونونَ مُؤِنينَ كامِلينَ.۱

وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

إنَّ أصحابَ القائِمِ عليه‏السلام يَلقى بَعضُهُم بَعضاً كَأَنَّهُم بَنو أبٍ وَأُمٍّ، وإنِ افتَرَقَوا عِشاءً التَقَوا غُدوَةً.۲

وبذلك تأخذ المودّة مكان العداوة في عصر الظهور۳، وتتوثّق العلاقات الاجتماعيّة الأخويّة بين أصحاب الإمام المهديّ علیه السلام إلى درجة كبيرة بحيث عندما يحتاج أحدهم مالاً يأخذه من جيب أخيه في الدين وهو لايمانع.۴

وبعبارة أُخرى: يجرّب المجتمع المهدويّ حياة أهل الجنّة في عصر حكومة الإمام المهديّ علیه السلام ، كما قال اللّه‏ في وصف أهل الجنّة:

«وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ».۵

۲. توفير الأمن الشامل

الأمن أحد المتطلّبات الأوّليّة والحيويّة لكلّ مجتمع، ويحظى بأهمّية ومكانة متميّزة في النظام الإلهيّ السياسيّ الإسلاميّ.۶

1.. راجع: ص ۱۸۲ ح ۱۸۱۰.

2.. راجع: ص ۲۳۵ ح ۱۸۲۶.

3.. راجع: ص ۲۳۶ ح ۱۸۲۷ الخصال و ص ۲۴۱ ح ۱۸۳۸ (سنن ابن ماجة).

4.. راجع: ص ۲۳۶ ح ۱۸۲۸ الاختصاص.

5.. الحجر: ۴۷.

6.. لمزيد من الاطّلاع على أهمّية الأمن في الرؤة الإسلاميّة راجع: موسوعة معارف الكتاب والسنّة : ج ۵ ص ۱۰۱الأمن .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8611
صفحه از 483
پرینت  ارسال به