تفسير هذه الآية ثلاثة احتمالات عن المفسّرين:
الاحتمال الأوّل: أن يعود الضميران في «به» و «موته» إلى المسيح عليهالسلام ؛ أي سيُسلم جميع اليهود والمسيحيّين ويؤنون بالمسيح قبل موته عندما ينزله اللّه تعالى إلى الأرض في زمن ظهور المهديّ علیه السلام المنتظر عليهالسلام، ويجتمع شعوب العالم كافّة تحت راية الوحدة والوفاق. نُقل هذا القول عن ابن عبّاس وأبي مالك وحسن وقتادة وابن زيد والطبريّ وآخرين.
وجاء في تفسير عليّ بن إبراهيم عن شهر بن حوشب:
قالَ لِيَ الحَجّاجُ بِأَنَّ آيَةً في كِتابِ اللّهِ قَد أعيَتني، فَقُلتُ: أيُّهَا الأَميرُ أيَّةُ آيَةٍ هِيَ ؟ فَقالَ: قَولُهُ: «وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَبِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ»۱، وَاللّهِ إنّي لاَمُرُ بِاليَهودِيِّ وَالنَّصرانِيِّ فَيُضرَبُ عُنُقُهُ، ثُمَّ أرمُقُهُ بِعَيني فَما أراهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيهِ حَتّى يَخمَدَ !
فَقُلتُ: أصلَحَ اللّهُ الأَميرَ لَيسَ عَلى ما تَأَوَّلتَ. قالَ: كَيفَ هُوَ ؟
قُلتُ: إنَّ عيسى يَنزِلُ قَبلَ يَومِ القِيامَةِ إلَى الدُّنيا فَلا يَبقى أهلُ مِلَّةٍ ـ يَهودِيٌّ ولا نَصرانِيٌّ ـ إلاّ آمَنَ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ، ويُصَلّي خَلفَ المَهدِيِّ.
قالَ: وَيحَكَ ! أنّى لَكَ هذا، ومِن أينَ جِئتَ بِهِ ؟ فَقُلتُ: حَدَّثَني بِهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليهمالسلام.
فَقالَ: جِئتَ بِها ـ وَاللّهِ ـ مِن عَينٍ صافِيَةٍ.۲
الاحتمال الثاني: أن يعود الضمير في «به» إلى المسيح، وفي «موته» إلى أهل الكتاب ؛ أي كلّ من يغادر الدنيا من اليهود والنصارى سيؤن بعيسى عليهالسلام قبل الوفاة؛ حيث يشرف على تخوم الموت، وتقوى علاقته بما بعده من العوالم، وتضعف صلته بهذه الدنيا، ويُكشف الغطاء عن عينيه، فيرى كثيراً من الحقائق ويطّلع عليها، وحينئذٍ سيشاهد بصره الراصد