205
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

نفس السورة:

«فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ».

أُشير هنا إلى مسخ جماعة من اليهود تمرّدوا على أمر اللّه‏ وسخروا بمكرهم وخديعتهم بالأحكام الإلهيّة، وذُكر بعد ذلك عذابهم إلى يوم القيامة.

والاحتمال المطروح هنا هو أنّ هذه العقوبة استمرار لذلك المسخ ذاته، أو يرافقه عذاب مضاعف؟ ومع العلم أنّ هذا العذاب دنيويّ أيضاً، فلا ضرورة بعد لأن يتعرّض يهوديّ للتعذيب ؛ لأنّ وجود هؤاء الممسوخين يكفي لتحقيق العقوبة.

ثالثا: الأدلّة الروائيّة ۱

. تشابه سيرة الإمام المهديّ علیه السلام بسيرة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله

وينبغي هنا إثبات أمرين: أحدهما توضيح استدلاليّ مع عرض للمسامحة والسلم وعدم الإكراه في معاملة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله للمخالفين وأتباع الديانات، والآخر التشابه بين سيرة إمام العصر عليه‏السلام وسيرة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

وبيّنت آية في سورة يونس عليه‏السلام السنّة الإلهيّة في نفي الإكراه والإجبار لإيمان الناس، كما عيّنت سيرة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أيضاً:

«وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤمِنِينَ».۱

إذ يطرح سبحانه استفهاماً استنكاريّاً في نهاية الآية بأُسلوب التوبيخ ظاهراً ؛ ليفهم الجميع بأنّ اللّه‏ لايجبر أو يُكره أحداً على الإيمان، ولا يحقّ لرسوله ذلك أيضاً، وهكذا تتشكّل سيرة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في هذا المجال.

ولهذا السبب لا نرى في كلمات أهل البيت عليهم‏السلام وسلوكهم أيّ خبر يُشير إلى إجبارهم

1.. يونس: ۹۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
204

۳. استمرار عقوبة اليهود إلى القيامة

أخبر اللّه‏ سبحانه في القرآن الكريم في سورة الأعراف أنّه يبعث على اليهود ـ ممّن ينقض ميثاقه ـ ويذيقهم عذاباً شديداً إلى يوم القيامة:

«وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ».۱

واعتبر بعض المفسّرين أنّ هذه الآية تشير إلى العذاب الدنيوّي لليهود، ومن جملة ما ورد في ذلك:

۰.هذه الآيات إشارة إلى قسم من العقوبات الدنيويّة التي أصابت جماعة من اليهود خالفت أمرَ اللّه‏ تعالى، وسحقت الحقّ والعدل والصدق... ويستفاد من هذه الآية أنّ هذه الجماعة المتمرّدة الطاغية لن ترى وجهَ الاستقرار والطمأنينة أبداً، وإن أسّست لنفسها حكومة وشيّدت دولة، فإنّها مع ذلك ستعيش حالة اضطراب دائم وقلق مستمرّ، إلاّ إن تغيّر ـ بصدقٍ ـ سلوكُها، وتكفّ عن الظلم والفساد.۲

والنظر إلى الآية التالية يقوّي هذا الاحتمال إلى حدّ ما:

«وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».۳

تتكلّم هذه الآية بوضوح عن الظروف الدنيويّة لليهود، ويمكن اعتبارها قرينة على أنّ الآية السابقة التي تبيّن عذابهم إلى يوم القيامة تقصد كذلك الجزاء الدنيويّ.

ولكنّ التمعّن في الآيات السالفة لها يضعّف من هذا الاحتمال، فنقرأ في الآية ۱۶۶ من

1.. الأعراف: ۱۶۷.

2.. مكارم الشيرازيّ فيالأمثل في تفسير كتاب اللّه‏ المنزل : ج ۵ ص ۲۷۴ نقلاً عن بعض المفسّرين السابقين راجع :مجمع البيان: ج ۴ ص ۷۶۰.

3.. الأعراف : ۱۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8559
صفحه از 483
پرینت  ارسال به