337
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

والنموذج الساطع لهؤاء العلماء هو الإمام الخمينيّ رحمه‏الله الذي بلغ منزلة سامية ومتنفّذة في المجتمع الإسلاميّ قبل الثورة الإسلاميّة في إيران وبعدها، ولم يطرح مثل هذا الكلام بتاتاً، ليس هذا فحسب، بل نفى بصراحة أيّ نوع من التوقيت، وإن كان أمله وأُمنيّته ودعاؤ أن تتّصل هذه الثورة بالثورة العالميّة للإمام المهديّ عليه‏السلام.

والتأمّل الدقيق في إعادة القراءة لإدّعاءات وقّاتي الظهور ـ وسيأتي لاحقاً ـ يزيح الستار عن حقيقة أنّ جميع من طرح بقاطعيّة ادّعاء العلم بزمن الظهور هم من الشيعة العاديّين أو العلماء ذوي المستوى المتوسّط.

۱۴ ـ المراد من التوقيت هو تحديد زمن معيّن يشمل اليوم والشهر والسنّة، ولهذا لايعتبر بيان زمن غير معيّن توقيتاً، وكذلك تطبيق علامات الظهور على بعض الأحداث إذا لم يؤّ إلى تحديد دقيق لوقت الظهور، وكذلك أيضاً الإفصاح عن الآمال والأماني والرغبات، فقد تمنّى كثير من العلماء المعاصرين للدولة الصفويّة أن تتّصل الدولة المذكورة بظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، ووجدت ومازالت الأُمنية ذاتها في عصر الثورة الإسلاميّة بإيران في أن يتّصل هذا النظام بالحكومة العالميّة للإمام المهديّ عليه‏السلام، ولايعتبر الإعراب عن هذه الأُمنيّات والرغبات من التوقيت في شيء. كما يمكن أن يُحمل نفي زمان معيّن على التوقيت أيضاً، مثل أن يقال: بأنّه لن يظهر الإمام إلى عدّة سنوات أُخرى قطعاً.۱

۱۵ ـ استنتج العلاّمة المجلسيّ في كتاب الرجعة أنّ سنة (۱۱۵۵ه) هي عام الظهور استناداً إلى حديث منقول عن كتاب المحتضر۲، وأشار في كتاب بحار الأنوار إلى الحديث ذاته، وأعرب عن ترديده في هذا الاستنتاج كما يلي:

ثمّ إنّ هذه التوقيتات على تقدير صحّة أخبارها لا تنافي النهي عن التوقيت؛ إذ المراد بها النهي عن التوقيت على الحتم لا على وجه يحتمل البداء... فإن مرّ هذا

1.. راجع : ص ۲۲۴ (القسم العاشر / الفصل الثاني / دراسة في علامات الظهور / تطبيق علامات الظهور) .

2.. سيأتي عرض كامل لكلامه في القسم الآتي راجع: ص ۳۴۰ «سنة ۱۱۵۵ ه» .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
336

وتصوّر هؤاء أنّهم يعلمون هو في الواقع نوع من الجهل المركّب، حيث يشعر الشخص بالعلم ولكنّه جاهل في الحقيقة، ويحسب تصوّره وتخيّله وتوهّمه علماً.

۱۰ ـ يبيّن سياق الأحاديث الناهية عن التوقيت أنّ التعيين القطعيّ لزمن الظهور وبيانه للآخرين أمر مستهجن وسيّئ وخاطئ دائماً، ولهذا فتجنّب هذا النوع من الكلام والأُسلوب هو أمر مستحسن ولائق، وعلى الجميع ـ سواء من ظنّ معرفة زمان الظهور أو من تبعهم على ذلك عَمىً وضَلالاً ـ أن يعلموا بأنّ هذا الطريق منزلق ضالّ لن يؤّي إلى الغاية المنشودة.

۱۱ ـ تمثّل هذه الأحاديث ناقوس خطر لمستمعي ومخاطبي الوقّاتين، ليعلموا أنّ هذه الطريقة من الكلام أو الإشارة والإعلان لا تهدي إلى الصواب أبداً، فردّة الفعل المناسبة حيال الوقّاتين هي عدم الاكتراث بهذه الثقافة ومكافحتها وبيان أخطائهم بصراحة ؛ لكيلا يتّبع أحد هذا النهج وينخرط في لعبة المريد والمراد.

۱۲ ـ تكاثرت موارد ومصاديق تعيين وقت الظهور بين الشيعة وأهل السنّة، وحتّى بين أهل الكتاب منذ القرن الأوّل الهجريّ إلى الوقت لحاضر، وسنشير إلى بعضها في مواصلة البحث. وبعض المؤّتين أشخاص لهم ظاهر مقدّس أصرّوا على اطّلاعهم وإعلانهم عن الوقت الذي حدّدوه، ولكنّ مرور الزمان أثبت خطأهم جميعاً. والتجربة السابقة في بطلان جميع موارد التوقيت للظهور تبدي لنا أنّ ادّعاءات المتأخّرين وخصوصاً المعاصرين ما هي إلاّ نظير ادّعاءات تلك الجماعة: حدسيّة منبثقة عن تصوّرات باطلة أو تخيّلات وأوهام لا ينبغي الالتفات إليها، فالماضي نبراس لطريق المستقبل.

۱۳ ـ بسبب وجود هذه الأحاديث والأدلّة القائمّة عليها، تأسّست ثقافة عدم تعيين وقت الظهور بين علماء الشيعة البارزين، ولم يعيّن أيُّ فقيه أو عالم بارز من الطراز الأوّل وقتاً للظهور على نحو التحديد والتعيين، فمع حيازة علماء الشيعة البارزين ـ ولاسيّما المجتهدين والفقهاء ـ لمكانة متميّزة في سعة العلم، والمقبوليّة العامّة والاجتماعيّة في المجتمع الشيعيّ الذي يُصغي إليهم ويرتضي آراءهم، مع كلّ ذلك لم يصدر في أيّ وقت عنهم نظير هذا الكلام غير العلميّ، وهم جديرون بمثل هذه المواقف.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8574
صفحه از 457
پرینت  ارسال به