269
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

أيَحشُرُ اللّه‏ُ فِي القِيامَةِ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوجاً ويَدَعُ الباقينَ؟! إنَّما آيَةُ القِيامَةِ قَولُهُ: «وَحَشَرْنَهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً»۱.

وعدّ معظم مفسّري أهل السنّة۲ هذه الآية متعلّقة بالحشر في يوم القيامة، ولم يجيبوا عن الإشكال المذكور بشأن الاختلاف بين الحشرين في الآية.

وقالت بعض التفاسير في بيان الاختلاف بين الحشرين بأنّ الحشر العامّ (في الآية ۴۷ من سورة الكهف) للجميع، والحشر في الآية موضع البحث يخصّ الكافرين حيث سيحدث لتعذيبهم بعد الحشر العامّ۳. ويُشكل عليه بما يلي:

أوّلاً: لا دليل ولا شاهد على هذا الاستنتاج من الآية.

ثانياً: ليس ذلك حشراً حينئذٍ ؛ لأنّ في الحشر ثلاثة قيود من حيث المعنى اللغوي: البعث والجمع والسوق۴، والحال أنّ الكافرين قد بُعثوا من القبور قبل هذا، ولا يبعثون مرّة ثانية، فلا يكون معنىً لحشرهم المجدّد.

وفي الحشر بالمعنى الاصطلاحيّ يلزم أن يكون الجمع من القبور، وفقاً للتفسير المتقدّم فالكفّار حشروا من قبل، وحشرهم من جديد تحصيل للحاصل ولا معنى له.

1.. الكهف: ۴۷ . وجاء في الآية التالية لها: «وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْألَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً» الكهف : ۴۸ . ۲ . راجع : ص ۲۳۶ ح ۱۴۱۵ .

2.. منهم: عبد الكريم الخطيب في التفسير القرآني للقرآن: ج ۱۰ ص ۲۹۴ والمراغيّ في تفسير المراغيّ: ج ۲۰ ص ۲۲ والمظهريّ في التفسير المظهريّ: ج ۷ ص ۱۳۵ والزحيليّ في التفسير المنير: ج ۲۰ ص ۳۶، والحجازيّ في التفسير الواضح: ج ۲ ص ۸۰۷ والطنطاويّ في التفسير الوسيط: ج ۱۰ ص ۳۵۹ والسورآباديّ في تفسير السورآباديّ: ج ۳ ص ۱۷۹۲ وآل سعدي في تفسير الكريم الرحمن: ج ۱ ص ۷۲۸ والقرطبيّ في الجامع لأحكام القرآن: ج ۱۳ ص ۲۳۸ والسيوطيّ في الدرّ المنثور: ج ۶ ص ۳۸۴ والطبريّ في جامع البيان: ج ۱۱ ص ۷ وابن كثير في تفسير ابن كثير: ج ۶ ص ۲۲۴ وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم: ج ۹ ص ۲۹۲۷ والنيشابوريّ في تفسير غرائب القرآن: ج ۵ ص ۳۲۲.

3.. مثل: الآلوسيّ في روح المعاني: ج ۲۰ ص ۲۶.

4.. راجع: التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج ۲ ص ۲۲۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
268

انتصار الحقّ وهلاك الباطل، فهناك آيات متعدّدة وعدت بالنصرة الإلهيّة، أو قيل فيها بغلبة اللّه‏ ورسله، ويمكن الاستناد إلى عمومها فقط، والاستفادة منها كشواهد داعمة للاستدلال.۱

وتصرّح الآية موضع البحث بنصرة الرسل والمؤنين في الحياة الدنيا، والمعنى الأوّليّ والواضح للنصرة هو انتصارهم وغلبتهم على المخالفين. وقد ورد في تفسير القمّي حديث عن الإمام الصادق عليه‏السلام في توضيح الآية وتفسيرها بما تقدّم، واعتبر انتصار الرسل والمؤنين في الرجعة.۲

الآية الثالثة:

«وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ».۳

تدلّ هذه الآية على رجعة جماعة من الكافرين، و استَشهد الإمام الباقر عليه‏السلام حيال مخالفي الرجعة بهذه الآية كدليل على حدوثها في المستقبل:

... قالَ لي أبو جَعفَرٍ عليه‏السلام: يُنكِرُ أهلُ العِراقِ الرَّجعَةَ؟ قُلتُ: نَعَم، قالَ: أما يَقرَؤنَ القُرآنَ: «وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً»؟۴

واتّخذ أهلُ السنّة هذه الآية دليلاً على الحشر يوم القيامة، فأجابهم القمّيّ في تفسيره نقلاً عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

1.. مثل آية: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ»الصافّات:۱۷۱ ـ ۱۷۳. وآية: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (المجادلة: ۲۱).

2.. عن جميل، عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام قال: «قلت [له]: قول اللّه‏ تبارك وتعالى: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِالدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ»، قال: ذلِك وَاللّه‏ فِي الرَّجعَةِ، أما عَلِمتَ أنَّ أنبِياءَ كثيرةً لَم يُنصَروا فِي الدُّنيا وَقُتِلوا، وَأَئِمَّةً مِن بَعدِهِم قُتِلوا وَلَم يُنصَروا؟ ذلِك فِي الرَّجعَةِ» تفسير القمّي: ج ۲ ص ۲۵۸ وراجع هذه الموسوعة: ص ۲۴۰ ح ۱۴۲۵.

3.. النمل: ۸۳.

4.. راجع: ص ۲۳۵ ح ۱۴۱۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8504
صفحه از 457
پرینت  ارسال به