289
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

مع الأحاديث التي تعرّف الإمام الحسين عليه‏السلام بأنّه أوّل من سيرجع، وحدّدت وقت رجعته عند وفاة أو قتل الإمام المهديّ عليه‏السلام. وربّما يمكن القول بأنّ المراد مِن «أوّل مَن يرجع» في هذه الأحاديث هو الرجعة بعد وفاة إمام العصر عليه‏السلام، حيث يكون أوّل الراجعين الإمام الحسين، وهو الذي يتكفّل بتكفين ودفن إمام العصر عليه‏السلام.

ومن جهة أُخرى، فرجعة أمير المؤنين الإمام عليّ عليه‏السلام قبل الظهور هي إحدى رجعاته، فقد عرّفته أحاديث متعدّدة أنّه صاحب رجعات۱، وذُكر هذا الموضوع في زياراته عليه‏السلام ۲، وورد في حديث أنّ لعليّ عليه‏السلام رجعة مع الإمام الحسين ؛ لينتقم من بني أُميّة۳، ورجعة مع

1.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۱۹۷ ح ۳ وبصائر الدرجات: ص ۱۹۹ ح ۱ ومختصر بصائر الدرجات: ص ۴۱ و ۲۰۴ وبحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۱۰۱ ح ۱۲۳.

2.. راجع: المزار الكبير: ص ۳۰۵.

3.. ففي هذه الحالة ربّما لزم أن يرجع بنو اُميّة أيضاً، مثلما عرض ابن أبي الحديد المعتزليّ هذا الموضوع عن الشيعة وتساءل قائلاً: «إن قيل: فمن يكون من بني أُميّة في ذلك الوقت موجوداً حتّى يقول عليه‏السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم، حتّى يودّوا لو أنّ عليّاً عليه‏السلام كان المتولّي لأمرهم عوضاً عنه؟ قيل: أمّا الإمامية فيقولون بالرجعة، ويزعمون أنّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أُميّة وغيرهم، إذا ظهر إمامهم المنتظر... وينتقم من أعداء آل محمّد عليه‏السلام المتقدّمين والمتأُخّرين» شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۷ ص ۵۹.
ويوجد فرض آخر وهو أنّ المقصد من بني أُميّة كلّ من يرضى بفعلهم، كما قالت عديد من الآيات القرآنيّة في خطاب اليهود المعاصرين للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: فلم قتلتم أنبياء أللّه‏؟ في حين أنّ ذلك حصل على أيدي أسلافهم، والسبب في مثل هذه الخطابات هو أنّهم رضوا بفعل السلف، وكلّ من رضي بفعل فرد أو جماعة فكأنّه أنجز ذلك الفعل بنفسه.
وأكّدت الأحاديث الإسلاميّة هذا الموضوع، فخصّص الشيخ الصدوق باباً باسم «العلّة التي من أجلها يقتل القائمُ عليه‏السلامذراري قتلة الحسين عليه‏السلام بفعال آبائها»، ثمّ أتى في مقام الجواب بهذا الحديث: «عن عبد السلام بن صالح الهرويّ قال: قُلتُ لِأَبي الحَسَنِ عَليِّ بنِ مُوسَى الرِّضا عليه‏السلام: يَابنَ رَسُولِ اللّه‏ِ! ما تَقولُ في حَديثٍ رُوِيَ عَنِ الصّادِقِ عليه‏السلام أَنَّهُ قالَ: إذا خَرَجَ القائِمُ قَتَلَ ذَرارِيَّ قَتَلَةِ الحُسَينِ عليه‏السلامبِفِعالِ آبائِها؟ فَقالَ عليه‏السلام: هُوَ كَذلِكَ. فَقُلتُ: فَقَولُ اللّه‏ِ عز و جل: «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» ما مَعناهُ؟ فَقالَ: صَدَقَ اللّه‏ُ في جَميعِ أَقوالِهِ، لكِنَّ ذَرارِيَّ قَتَلَةِ الحُسَينِ يَرضَونَ أفعالَ آبائِهِم وَيَفتَخِرونَ بِها، ومَن رَضِيَ شَيئاً كانَ كَمَن أتَاهُ، وَلَو أنَّ رَجُلاً قُتِلَ فِي المَشرِقِ فَرَضِيَ بِقَتلِهِ رَجُلٌ فِي المَغرِبِ لَكانَ الرّاضي عِندَ اللّه‏ِ شَريكَ القاتِلِ، وَإنَّما يَقتُلُهُمُ القائِمُ إذا خَرَجَ لِرِضاهُم بِفِعلِ آبائِهِم» علل الشرائع: ص ۲۲۹ ح ۱ وراجع عيون أخبار الرضا عليه‏السلام: ج ۱ ص ۲۷۳ ح ۵. وتوجد أحاديث وفيرة في هذا الصدد.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
288

إذا آنَ قِيامُهُ مُطِرَ النّاسُ جُمادَى الآخِرَةَ وعَشَرَةَ أيّامٍ مِن رَجَبٍ مَطَراً لَم يَرَ الخَلائِقُ مِثلَهُ، فَيُنبِتُ اللّه‏ُ بِهِ لُحومَ المُؤِنينَ وأَبدانَهُم في قُبورِهِم، فَكأَنّي أنظُرُ إلَيهِم مُقبِلينَ مِن قِبَلِ جُهَينَةَ يَنفُضونَ شُعورَهُم مِنَ التُّرابِ.۱

وجاء في بعض ثالث ـ من أحاديث سابقة ـ أسماء أو أعداد الراجعين من الأقوام السالفة ليسيروا في ركاب الإمام المهديّ عليه‏السلام.۲

وورد في أحاديث أُخرى الأمر بقراءة دعاء للرجعة بعد الموت لإدراك أيّام ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام ۳. وروي أنّ المؤن بعد موته:

... يُقالُ لَهُ: نَم نَومَةَ العَروسِ عَلى فِراشِها، أبشِر بِرَوحٍ ورَيحانٍ وجَنَّةِ نَعيمٍ ورَبٍّ غَيرِ غَضبانَ. ثُمَّ يَزورُ آلَ مُحَمَّدٍ في جِنانِ رَضوى... حَتّى يَقومَ قائِمُنا أهلَ البَيتِ، فَإِذا قامَ قائِمُنا بَعَثَهُمُ اللّه‏ُ فَأقبَلوا مَعَهُ يُلَبّونَ زُمَراً زُمَراً.۴

وورد في بعض الأحاديث أنّ بعض المؤمنين يسأل عن رجعة بقيّة المؤنين حين الظهور.۵

وعُدّ الإمام عليّ عليه‏السلام في حديث الرجعة من علامات الظهور۶، ولكنّ هذا الحديث يتنافى

1.. رواه عبد الكريم الخثعميّ عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام راجع: ص ۴۴ ح ۱۴۳۰.

2.. مثل هذا الحديث: «رَوى المُفَضَّلُ بنُ عُمَرَ، عَن أبي عَبدِاللّه‏ِ عليه‏السلام، قالَ: يُخرِجُ القائِمُ عليه‏السلام مِن ظَهرِ الكوفَةِ سَبعَةًوَعِشرينَ رَجُلاً : خَمسَةَ عَشَرَ مِن قَومِ موسى عليه‏السلام الَّذينَ كانوا يَهدونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعدِلونَ، وَسَبعَةً مِن أهلِ الكهفِ، وَيوشَعَ بنَ نونٍ، وَ سَلمانَ، وَ أَبا دُجانَةَ الأَنصاريَّ، وَالمِقدادَ، وَمالِكاً الأَشتَرَ، فَيَكونونَ بَينَ يَدَيهِ أنصاراً وَحُكّاماً» راجع: ص ۲۴۶ ح ۱۴۳۳ .

3.. عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ عليه‏السلام أَنَّهُ قالَ : «مَن دَعا إلَى اللّه‏ِ تَعالى أربَعينَ صَباحاً بِهذَا العَهدِ كانَ مِن أنصارِقائِمِنا عليه‏السلام ، فَإِن ماتَ قَبلَهُ أخرَجَهُ اللّه‏ُ تَعالى مِن قَبرِهِ ، وأَعطاهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ ألفَ حَسَنَةٍ ، ومَحا عَنهُ ألفَ سَيِّئَةٍ ، وهُوَ هذا: اللّهُمَّ رَبَّ النّورِ العَظيمِ ، ورَبَّ الكُرسِيِّ الرَّفيعِ ، ورَبَّ البَحرِ المَسجورِ...» راجع: ص ۲۴۹ ح ۱۴۴۱ .

4.. الكافي: ج ۳ ص ۱۳۱ ح ۴، بحار الأنوار: ج ۶ ص ۱۹۸ ح ۵۱.

5.. الكافي: ج ۸ ص ۵۰ ح ۱۴، بحار الأنوار: ج ۵۳ ص۹۳ ح ۱۰۲.

6.. بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۹۱ ـ ۹۲.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8668
صفحه از 457
پرینت  ارسال به