271
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

الآية خير دليل على الرجعة.

وقد انقسم مفسّرو أهل السنّة إلى عدّة مجاميع في تفسير هذه الآية، فمجموعة۱ اعتبرت الهلاك والرجوع مادّيّاً وجسمانيّاً طبقاً لظاهر الآية، ولم تجب عن السؤل الآتي: إذا لم تحدث رجعة لأيّ أحد، فلماذا خصّ اللّه‏ تعالى الأقوام الهالكة بحكم عدم الرجعة في هذه الآية؟

ومجموعة أُخرى۲ رأت الهلاك والرجعة أمراً معنويّاً، وقالت: المراد هو أنّ اللّه‏ قدّر الهلاك لبعض ؛ لأنّهم لا يعودون عن ذنبهم وكفرهم. واضطرّت لاتّخاذ عدّة تأويلات وتقديرات كلّها مخالفة لظاهر الآية.

واحتملت مجموعة ثالثة۳ كلا الاحتمالين.

ورجّح الطبريّ الاحتمال الثاني في أشارته إلى رأي الإمام الباقر عليه‏السلام ومسألة الرجعة، واستدلّ في ترجيحه بأنّ اللّه‏ تعالى يخبر عن فعله في مقابل من امتنعوا عن إجابة الرسل إيجابيّاً، وليس عن هلاك الذين كفروا أو لم يعملوا صالحاً.

وهذا الاستدلال غير سليم ؛ لأنّه لا إشكال في أن يبيّن اللّه‏ عاقبة الذين خالفوا الرسل وكفروا بهم، ويقول: «أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ»، إضافة إلى مخالفة تأويل الطبريّ ـ الذي تبع

1.. مثل: ابن عبّاس والفريابي وقتادة ومقاتل وابن أبي حاتم والبيهقي (راجع: روح المعاني: ج ۱۷ ص ۹۱ والتفسير الوسيط للقرآن الكريم: ج ۹ ص ۲۵۰ والدرّ المنثور: ج ۵ ص ۶۷۲).

2.. مثل: الزجّاج وأبي عتبة ومجاهد وحسن وعكرمة (راجع: روح المعاني: ج ۱۷ ص ۹۱ والتفسير الوسيط للقرآن الكريم: ج ۹ ص ۲۵۰ والدرّ المنثور: ج ۵ ص ۶۷۲).

3.. مثل الآلوسيّ في روح المعاني: ج ۱۷ ص ۹۱ والسيوطيّ في الدرّ المنثور: ج ۵ ص ۶۷۲ والقرطبيّ في الجامعلأحكام القرآن: ج ۱۱ ص ۳۴۱ والزحيليّ في التفسير الوسيط: ج ۲ ص ۱۶۱۵ والتفسير المنير: ج ۱۷ ص۱۳۰ والسورآباديّ في تفسير السورآباديّ: ج ۳ ص ۱۵۸۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
270

أمّا الآلوسيّ فأشار إلى رأي الشيعة نقلاً عن الطبرسيّ في مجمع البيان، ومن ثمّ ردّه، ولكنّه قال:

غاية ما يفهم من الآية هو رجعة جماعة من الكفّار، ولا تثبت بهذه الآية جزئيّات عقائد الشيعة في هذا الصدد، بل يثبت أصل الرجعة.۱

ولم يذكر الآلوسيّ أيّ مفسّر من الشيعة حاول إثبات جزئيّات الرجعة بهذه الآية، إضافة إلى أنّه قال:

واستفاد الطبرسيّ أيضاً أصل الرجعة من هذه الآية فقط لا أكثر.۲

وبناء على ذلك يمكن القول: إنّ هذه الآية تثبت أصل الرجعة، وأمّا جزئيّاتها فتبيّنها الأحاديث.

الآية الرابعة:

«وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ».۳

مضمون هذه الآية أنّ الرجعة أمر جائز لمجموعات من الناس ومحرّمة على مجموعات أُخرى، فلو كانت الرجعة حرام على الجميع لما قيل بأنّ الرجعة حرام على الهالكين وأنّهم لا يرجعون. ومن جهة أُخرى لا يمكن القول بأنّ هذه الآية مختصّة بالقيامة ؛ لأنّ الهالكين وغيرهم سيعودون في القيامة ليُحاسبوا على أعمالهم. وبناء عليه، فالتفسير الوحيد والصحيح أن نقبل بعودة جماعة من غير الهالكين، وأمّا الهالكون فلن يعودوا.

وروي هذا التفسير عن أمير المؤنين عليه‏السلام ۴ والإمامين: الباقر والصادق عليهماالسلام ۵. وتُعدّ هذه

1.. راجع: روح المعاني: ج ۲۰ ص ۲۶.

2.. راجع: المصدر السابق .

3.. الأنبياء: ۹۵.

4.. راجع : بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۱۱۸ ح ۱۴۹ نقلاً عن تفسير النعمانيّ.

5.. ورد في تفسير عليّ بن إبراهيم بسنده نقلاً عن محمّد بن مسلم في تفسير قول اللّه‏ تعالى : «وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ» أنّ الإمام الباقر عليه‏السلام قال: «كُلُّ قَريَةٍ أهلَكَ اللّه‏ُ أهلَها بِالعَذابِ لا يَرجِعونَ فِي الرَّجعَةِ» راجع : ص ۲۳۶ ح ۱۴۱۸ . وللاطّلاع على التوضيح الذي جاء في تفسير القمّي ، راجع : ص ۲۳۷ ح ۱۴۱۸ الهامش ۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8514
صفحه از 457
پرینت  ارسال به