259
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

الديانات موجباً لتصوّر أنّ تلك العقيدة مستلّة من تلك الديانة، فينبغي القول بأنّ كثيراً من التعاليم الإسلاميّة مستقاة من الديانات السابقة.

ولو كنّا مؤنين بقول اللّه‏ تعالى في كتابه بأنّ القرآن مصدّق لما سبقه من كتب سماويّة۱، فوجود عقائد مشتركة يعدّ أمراً بديهيّاً بل ضروريّاً، إضافة إلى أنّه لايمكن تجاهل الآيات القرآنيّة الصريحة بحدوث الرجعة، فهل دخلت هذه الآيات من اليهوديّة إلى الإسلام أيضاً؟

وورد في روايات أهل السنّة۲ رجعة أقوام في زمن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وبعده، وعدد هذه الروايات كثير۳، أُشير في قسم منها إلى رجعة بعض صحابة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، مثل زيد بن خارجة۴ وربيع بن حراش۵. وروايات رجوع الأموات إلى الدنيا غزيرة بحيث ألّف ابن أبي الدنيا كتاباً باسم «من عاش بعد الموت» ونقل فيه كثيراً من العجائب.

كما نُقل عن أهل السنّة روايات وفيرة قالت بأنّ النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عاش بعد الموت ورآه بعضُ الناس، ودار بين العلماء نقاش كثير في إمكان وقوع مثل ذلك، حتّى ألّف السيوطيّ كتاباً في

1.. بيّن القرآن الكريم هذا الموضوع في أكثر من أربع عشرة آية، منها: «قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ» الأحقاف: ۳۰.

2.. نذكر هنا شواهد من أحاديث أهل السنّة فقط لتكون أكثر حجّية للمنكرين، مع أنّ عديداً من هذه الروايات ضعيفة وغير معتبرة.

3.. منها روايات البيهقيّ في دلائل النبوّة: ج ۳ ص ۸۹، والبداية والنهاية: ج ۳ ص ۲۹۰، وابن أبي الدنيا في من عاش بعد الموت: ص ۳۲، وذكر الشيخ علي آل محسن عدداً من هذه الروايات راجع: إثبات الرجعة: ص ۵۴ ـ ۵۶.

4.. ذكر هذا الحديث البيهقيّ في دلائل النبوّة: ج ۶ ص ۵۵ معتبرا سنده صحيحاً، كما اعتبر ابن الأثير في أُسد الغابة: ج ۲ ص ۳۵۴ الرقم ۱۸۳۱ رجعة زيد صحيحة. والكتب التي ذكرت هذه القضيّة هي: التاريخ الكبير: ج ۳ ص ۳۸۳ الرقم ۱۲۸۱ والاستيعاب: ج ۲ ص ۱۱۸ ص ۱۱۸ الرقم ۸۴۹ والجرح و التعديل: ج ۳ ص ۵۶۲ الرقم ۲۵۴۱ والثقات: ج ۳ ص ۱۳۷ ومشاهير علماء الأمصار: ص ۳۷ وتهذيب التهذيب: ج ۳ ص ۲۴۳ الرقم ۲۵۰۰ والإصابة: ج ۲ ص ۴۹۸ الرقم ۲۹۰۱ وراجع أيضاً: إثبات الرجعة: ص ۵۹ ـ ۶۰.

5.. أشار إلى ذلك ابن سعد في الطبقات الكبرى: ج ۶ ص ۱۲۷، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: ج ۳ ص ۴۵۶، والبيهقيّ في دلائل النبوّة: ج ۶ ص ۴۵۴. واعتبر البيهقيّ هذا الحديث صحيحاً إلى حدّ بحيث قال بأنّ أيّ عالم في الحديث لايشكّ في صحتّه راجع: إثبات الرجعة: ص ۶۰ ـ ۶۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
258

۶ ـ الآية التي ذكرت أصحاب الكهف، فهم وإن لم يقع عليهم الموت ولكنّ نومهم الطويل الذي استغرق عدّة قرون جعلهم يشابهون الموارد السابقة:

«ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً».۱

وذكر الإمام الصادق عليه‏السلام في حديث له أنّ عودة أصحاب الكهف تعدّ رجعة.۲

۷ ـ الآية التي نزلت في بيان قصّة الطيور الأربعة التي عادت إلى الحياة بنداء إبراهيم عليه‏السلام لها بعد الذبح، لتُجسّد إمكانيّة المعاد للإنسان:

«وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».۳

يُستنتج ممّا تقدّم أنّ الرجعة حدثت بأشكال مختلفة في تاريخ الديانات السابقة أيضاً، وهناك نوع من الاعتقاد بها، وأكّدها الإسلام وبيّن حدوثها في آخر الزمان.

وأمّا قول بعض المفكّرين المعاصرين بأنّ عقيدة الرجعة وردت التشيّعَ من اليهوديّة۴، فليس إلاّ نتيجة للتعصّب ؛ إذ لو كان أيّ تشابه بين المعتقدات الإسلاميّة ومعتقدات سائر

1.. الكهف: ۱۲.

2.. قال الإمام الصادق عليه‏السلام: «وَقَد رَجَعَ إِلَى الدُّنيَا مِمَّن ماتَ خَلقٌ كثِيرٌ، مِنهُمْ أَصْحَابُ الْكهفِ، أَمَاتَهُمُ اللّه‏ُ ثَلاَثَمِئَةِ عامٍوَتِسعَةً، ثُمَّ بَعَثَهُم فِي زَمانِ قَومٍ أَنكرُوا الْبَعثَ لِيَقْطَعَ حُجَّتَهُم وَلِيُرِيَهُم قُدرَتَهُ وَلِيَعلَمُوا أَنَّ الْبَعثَ حَقٌّ. وَأَمَاتَ اللّه‏ُ أَرمِيَا النَّبِيَّ عليه‏السلام الَّذِي نَظَرَ إِلَى خَرَابِ بَيتِ الْمَقدِسِ وَما حَولَهُ حينَ غَزاهُمْ بُختَنَصَّرُ وَقَالَ: «أَنَّى يُحْيي هذِهِ اللّه‏ُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّه‏ُ مِئَةَ عامٍ»، ثُمَّ أَحيَاهُ وَنَظَرَ إِلَى أَعضائِه» الاحتجاج: ج ۲ ص ۲۳۰ ح ۲۲۳. واستند في هذا الحديث إلى آيات أُخرى من القرآن الكريم تعدّد رجعة جماعات من الناس.

3.. البقرة: ۲۶۰.

4.. مثل الكاتب المصريّ أحمد أمين في فجر الإسلام: ص ۳۳.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8647
صفحه از 457
پرینت  ارسال به