المرتضى، فقد بلغ هؤلاء العلماء مبلغاً رفيعاً من العلم، بحيث تودّ كلّ فرقة أن تعتبرهم من المحسوبين عليها.
وأمّا اتّهام أعداء المعتزلة للإمامية بالانتماء إلى الاعتزال فيمكن إيعازه إلى محاولات التنقيص من شأن الإمامية من خلال اتّهامهم بشتّى التّهم، مثل اتّهامهم باليهودية (السبأيّة) تارة، وبالاعتزال - الذين يرى أعداؤهم أنّهم قدرية هذه الأمّة۱، والذي يعني مساواتهم بالمجوس۲ - تارة أخرى.
وأمّا اتّهام المستشرقين للإمامية فهو إذا كان اتّهاماً مبنيّاً على معطيات علمية دقيقة، فينبغي التأكّد من تلك المعطيات، الأمر الذي نحاول القيام به في خصوص ما يتعلّق بالشريف المرتضى في هذه الدراسة، لكن إذا كان الهدف تحويل الإمامية إلى فرقة حادثة في تاريخ الإسلام، ليس لها جذور تاريخية تمتدّ إلى عصر الحضور أو إلى صدر الإسلام، وإنّما هي عالة على المعتزلة، فهذا الأمر يتطلّب أيضاً القيام بدراسة تاريخية معمّقة، بهدف البحث عن أصالة هذه الفرقة، وجذورها التاريخية، وهو بحاجة إلى فرصة أخرى.
وفي ما يلي قائمة بأهمّ من قام باتّهام الشيعة الإمامية ومتكلّميهم بالانتماء إلى الاعتزال، أو التأثّر به:
يمكن رصدُ أقدم اتّهام للشيعة بالتأثّر بالمعتزلة في كتاب الانتصار للخيّاط المعتزلي (ت۳۰۰ه ) حيث قال في كتابه۳: «وأمّا جملة قول الرافضة فهو: إنّ الله عز و جل ذو قدًّ وصورة وحدًّ، يتحرّك ويسكن، ويدنو ويبعد، ويخفُّ ويثقل، وإنّ علمه محدَث، وإنّه كان غيرَ عالِم فعَلِم. وإنّ جميعهم يقول بالبَداء، وهو أنّ الله يخبر أنّه
1.. البغدادي، الفرق بين الفِرق، ص۱۰۷.
2.. فقد روي عن النبي صلی الله علیه و آله: «المجوس قدرية هذه الأمّة» (السجستاني، سنن أبي داود، ج۲، ص۴۱۰).
3.. احتمل بعض الباحثين أن يكون الخيّاط قد كتب كتابه هذا في فترة قصيرة بعد سنة ۲۶۹ﻫ، فهو قد أشار في كتابه الانتصار إلى وفاة أبي مجالد الذي توفّي في هذه السنة أو التي قبلها (انظر: ماديلونغ، ولفرد، مكتبها و فرقههاى اسلامى در سدههاى ميانه (مجموعة مقالات مترجمة إلى الفارسية، ص۱۵۲)، وهذا يعني أنّ اتّهام الخيّاط يعود إلى حوالي سنة ۲۶۹ﻫ..