المبحث الأوّل:
التوحيد
أوّلاً: معرفة الله تعالى
دارت بين المتكلّمين بحوث كثيرة ومتفرّعة حول حقيقة معرفة الله تعالى، وهل هي ضرورية وبديهية أو نظرية؟ وإذا كانت نظرية هل يجب تحصيلها على المكلّف أو لا؟ وإذا وجب تحصيلها فمتى يجب؟ وما هو الموجِب لذلك؟ كلّ ذلك وغيره فتح آفاقاً واسعة أمام عقل المتكلّم للبحث والتنقيب حول مفاهيم وحقائق عديدة ذات علاقة بهذا الموضوع، فأخذ يبحث عنها ويبدي رأيه في كلّ واحدة منها. ولم يكن الشريف المرتضى بدعاً من المتكلّمين، فقد سار على نفس النهج المتعارف في عصره بالنسبة لهذا النوع من البحث، وقام بطرح الأبحاث التالية:
۱. تعريف المعرفة
عرّف المرتضى المعرفة والعلم - كما تقدّم - بأنّه ما أدّى إلى سكون النفس بالنسبة لمفاده۱، والمقصود بسكون النفس هو القدرة على الإجابة على كلّ إشكال يتوجّه إلى النظرية التي تبنّاها الباحث وصار لديه «علم» بها. فالعالم هو الذي يؤمن ويعتقد بفكرة ونظرية معيّنة، ويتمكّن من الاستدلال عليها والإجابة على أيّ إشكال وشبهة تُوجَّه اليها، وتسمّى هذه الحالة الأخيرة بسكون النفس، والكلّ يسمّى «علماً». وقد تقدّم كلّ هذا عند البحث عن حقيقة العقل.