۴. هل الإجماع حجّة في الأصول والفروع معاً؟
بعد أن اتّضح أنّ الإجماع يدلّ على رأي الإمام، وأنّ الإمام معصوم وعالم بكلّ معالم الدين بصورة مطابقة للواقع، وأنّ قوله حجّة في مجالَي الأصول والفروع معاً۱، فإذا كان الإجماع طريقاً لمعرفة رأي الإمام، فسوف يمكن أن يكون طريقاً لمعرفة رأيه في كلا المجالين؛ لأنّه كما يمكن معرفة رأي الإمام في الأصول من خلال المشافهة أو المكاتبة أو النائب، فكذلك يمكن معرفة رأيه فيها من خلال الإجماع، وبذلك يصبح الإجماع دليلاً وحجّة في مجال الأصول إضافة إلى الفروع. لكن لحجّية الإجماع في الأصول حدود.
۵. ما هي حدود حجّية الإجماع في الأصول؟
أشار المرتضى إلى أنّ الإجماع حجّة في الأصول ما لم يؤدَّ إلى الدور، فلا يمكن الاستدلال بالإجماع - الكاشف عن رأي الإمام - على إثبات وجود الله تعالى أو علمه وصدقه؛ لأنّه يؤدّي إلى الدور، فحجّية قول الإمام متوقّفة على تلك الأمور، فلا يمكن أن تتوقّف تلك الأمور بنفسها على قول الإمام.
وضابط ذلك: أنّ كلّ شيء تقدّمت معرفة الإمام عليه فقول الإمام حجّة فيه، وأمّا ما لا يمكن المعرفة بوجود الإمام قبل المعرفة به، فقول الإمام ليس حجّة فيه۲. وبذلك يمكن الاستدلال بالإجماع على أمور مثل المعاد وتفاصيله، والوعيد، والرجعة، وحقيقة الإيمان، والقدر، والمعرفة وغير ذلك، ممّا لا تتوقّف حجّية قول الإمام عليه.
ويترقّى المرتضى، ويذهب إلى مستوى أعلى، وهو أنّه يمكن الاستدلال بالإجماع على النبوّة وحجّية القرآن!۳، لكنّه لا يبيّن لنا كيفية ذلك، إلّا أنّ الشيخ الطوسي أوضحه بما يلي: يمكن نظرياً أن تثبت إمامة الإمام من خلال المعجزة قبل ثبوت نبوّة النبي أو القرآن، فيقوم الإمام - الذي ثبتت إمامته من خلال المعجزة - بالإخبار بأنّ ذلك الرجل