13
الشريف المرتضى و المعتزلة

برنامج دقيق وشامل، وهذا الأمر لا يتمّ إلّا من خلال التنسيق مع المؤسّسات المهمّة، وكبار الباحثين.

وقد تمّ تأسيس معهد كلام أهل البيت علیهم السّلام وفقاً لهذه الرؤية، وذلك في سبيل رفع غبار الغفلة والتغافل عن وجه الفكر الشيعي، وتعريف تعاليم القرآن وأهل البيت علیهم السّلام العظيمة، ووضعها فوق حجاب أفكار المخالفين، وبعيداً عن متناول أيدي الجاهلين. وبهذا الخصوص، قام «قسم تاريخ الكلام» بتركيز جهوده على البحث عن جذور الهوية الفكرية والتاريخية للكلام الشيعي، وأخذ على عاتقه من خلال مشروعه التأسيسي الكبير «تاريخ الكلام الإمامي» حمْلَ الثقل الأكبر للبحث في هذا المجال الذي قَلّ سالِكوه.

وفي هذا السياق يحاول هذا الكتاب تقديمَ دراسة مقارنة بين الأفكار الكلامية للشريف المرتضى أحد كبار أعلام الفكر الكلامي الإمامي وبين المعتزلة، وبيان مدى استقلال فكر الشريف عنهم، وذلك من خلال استعراض منهجيّته في البحث، ودراسة عدد كبير من المسائل الكلامية الأساسية.

وعرفاناً للجميل، نرى في الختام أنّ من الواجب علينا تقديمَ الشكر الجزيل لكلّ من أعاننا في هذا العمل، وكانت له المنّة علينا، ونخصّ بالذكر سماحة آية الله الشيخ الرَّي شهري رئيس مؤسسة دار الحديث، ومركز دراسات القرآن والحديث، الذي وفّر بكل صبر وسخاء كلَّ الإمكانات اللازمة كي يرى هذا المشروعُ العلميُّ النورَ. كما نتقدّم بالشكر لنائب رئيس مركز الدراسات فضيلة حجّة الإسلام والمسلمين الدكتور رضا برنجكار، وجميع معاونيه وزملائه الأعزّاء، فقد كانت المعونات التي بذلوها أفضل حافز لنا للاستمرار في السير في هذا الطريق الوعر. وفي الختام نثمّن الجهود التي بذلها مُدراء المعهد والباحثون الأعزّاء، الذين تعتبر جهودهم وخبراتهم العلمية المصدر الأهمّ لتحقيق أهداف المعهد الكبرى، والوصول الى أفق المستقبل الرحبة، ونخصّ بالذكر منهم معاون المعهد حجّة الإسلام والمسلمين الدكتور أكبر أقوام الكرباسي الذي بذل جهوداً كبيرة في تنسيق العمل داخل المعهد.


الشريف المرتضى و المعتزلة
12

وذلك في سبيل تغييب الصورة المشرقة للتشيّع، وإغراقها في ظلام دامس.

ولكنّ الشيعة الإمامية ومن خلال الاعتماد على المعارف القرآنية الأصيلة ومدرسة أهل البيت علیهم السّلام الرائعة، تمكّنوا من تكوين رصيد كبير لأجل الدفاع عن مُنجزات النهضة النبوية، وبذلك أثبتوا ريادتهم في مجال الدفاع عن الإسلام الأصيل ونشر أفكاره.

لكن وللأسف، لقد مارس الأعداء منذ القِدَم أساليب ناشئة من الحقد والجهل، فوجّهوا حربة عدائهم إلى وجه أطهر أتباع الوحي، وغطّوا حقائق التاريخ بتصوّراتهم الخاطئة، وقطعوا أصوات المخالفين بواسطة البطش السياسي، واستعانوا بفرصة توفّر المال واستتباب الأمن لنشر أفكارهم بكلّ راحة بال، حتّى أدّى ذلك إلى تكوين صورة جديدة لتاريخ الإسلام والمسلمين ما زالت المجتمعات والثقافة الإسلامية تعاني من آثارها السيئة، فقد غدت آثارها من تكفير وتطرّف تهدّد البشرية جمعاء.

نعم لقد أثّرت هذه الرؤية المَقيتة على الثقافة الإسلامية بحيث فرضت نفسها على أغلب مصادر التاريخ والفِرق الأُمّ، ولذلك أخذ الباحثون - سواء من أجانب فضوليين أو مسلمين من ضعفاء النفوس - يعثرون في هذه المصادر على مستمسكات حول تاريخ الإسلام والتشيّع، لا يمكن محوها بسهولة.

ومن جهة أخرى، لقد سنحت في العقود الأخيرة فرصة مناسبة للشيعة كي يقوموا بتعريف أنفسهم للآخرين، ويُخرجوا مدرسة أهل البيت علیهم السّلام من الظلم الذي حاق بها، ليوفّروا بذلك أرضية مناسبة لتعرّف الكثيرين على تعاليم الاسلام النقيّة. ولكن لقد عاق التخلفُ التاريخيُّ للمجتمع الشيعي - الذي يعود إلى أسباب داخلية وخارجية - عن تقديم هذه الصورة، وعَرْض صورة جديدة وخالية من الشوائب عن ثقافتنا وهويّتنا. ومن الواضح أنّه لأجل تحقيق هذا الهدف ينبغي العكوف على بحث العديد من المسائل والمواضيع، وطرح الكثير من الأبحاث الضرورية على طاولة البحث. إنّ هذا العمل يتطلّب بسبب سعته تقديمَ

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1234
صفحه از 275
پرینت  ارسال به