إِلى أَبیهِم مِن مِصرَ وَ قَد حَبَسَ یُوسُفُ أَخاهُ قالَ: (فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِى أَبِى أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِى وَ هُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ)، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذٰلِكَ فَكانَ أَنبِیاءُ بَنی إِسرائِیلَ مِن وُلدِ لاوَى، وَ كانَ موسى مِن وُلدِ لاوَى وَ هُوَ مُوسَى بن عِمرانَ بن یَهصِرَ بن واهِثِ [واهِبِ] بن لاوَى بن یَعقوبَ بن إِسحاقَ بن إِبراهِیمَ.
۰.فَقالَ يَعقُوبُ لِابنِهِ: یا بُنَیَّ أَخبِرنِی ما فَعَلَ بِكَ إِخوَتُكَ حِینَ أَخرَجوكَ مِن عِندِی، قالَ: یا أَبَتِ أعفنی مِن ذٰلِكَ، قالَ: أَخبِرِی بِبَعضِهِ، فَقالَ: یا أَبَتِ، إِنَّهُم لَمّا أَدنَونی مِنَ الجُبِّ قالُوا: انزِع قَمِیصَكَ، فَقُلتُ لَهُم: یا إِخوَتِی اتَّقُوا اللّٰهَ وَ لا تُجَرِّدُونِی، فَسَلُّوا عَلَیَّ السِّكّینَ وَ قالُوا: لَئِن لَم تَنزِع لَنَذبَحَنَّكَ، فَنَزَعتُ القَمیصَ وَ أَلقَونی فی الجُبِّ عُریاناً، قالَ فَشَهِقَ یَعقوبُ شَهقَةً وَ أُغمِیَ عَلَیهِ، فَلَمّا أَفاقَ قالَ: یا بُنَیَّ حَدِّثنِی، فَقالَ: یا أَبَتِ أَسأَلُكَ بِإِلٰهِ إِبراهیمَ وَ إِسحاقَ وَ یَعقُوبَ إِلّا أَعفَیتَنِی، فَأَعفاهُ.
۰.قالَ: وَ لَمّا ماتَ العَزِیزُ - وَ ذٰلِكَ فی السِّنینَ الجَدبَةِ - افتَقَرَتِ امرَأَةُ العَزیزِ وَ احتاجَت حَتَّى سَأَلَتِ النّاسَ، فَقالُوا: ما یَضُرُّكِ لَو قَعَدتِ لِلعَزیزِ، وَ كانَ یُوسُفُ یُسَمَّى العَزِیزَ، فَقالَت: أَستَحی مِنهُ، فَلَم یَزالُوا بِها حَتّى قَعَدَت لَهُ عَلى الطَّرِیقِ، فَأَقبَلَ یوسُفُ فی مَوكِبِهِ، فَقامَت إِلَیهِ وَ قالَت: سُبحانَ مَن جَعَلَ المُلُوكَ بِالمَعصِیَةِ عَبیداً وَ جَعَلَ العَبیدَ بِالطّاعَةِ مُلوكاً، فَقالَ لَها یُوسُفُ: أَنتِ هاتِیكِ؟!
۰.فَقالَت: نَعَم، وَ كانَ اسمُها زَلِیخا، فَقالَ لَها: هَل لَكِ فِیَّ؟ قالَت: دَعنی بَعدَ ما كَبِرتُ، أ تَهزَأُ بی؟! قالَ: لا، قالَت: نَعَم، فَأَمَرَ بِها فَحُوِّلَت إِلى مَنزِلِهِ وَ كانَت هَرِمَةً، فَقالَ لَها یُوسُفُ: أ لَستِ فَعَلتِ بی كَذا وَ كَذا؟! فَقالَت: یا نَبِیَّ اللّٰهِ لا تَلُمنی؛ فَإِنّی بُلِیتُ بِبَلِیَّةٍ لَم یُبلَ بِها أَحَدٌ، قالَ: وَ ما هِیَ؟ قالَت: بُلِیتُ بِحُبِّكَ، وَ لَم یَخلُقِ اللَّهُ لَكَ فی الدُّنیا نَظیراً، وَ بُلِیتُ بِحُسنی بِأَنَّهُ لَم تَكُن بِمِصرَ امرَأَةٌ أَجمَلُ مِنِّی وَ لا أَكثَرُ مالاً مِنّی، نُزِعَ عَنّی مالی وَ ذَهَبَ عَنّی جِمالی، [وَ بُلیتُ بِزَوجٍ عِنِّینٍ]، فَقالَ لَها یوسُفُ: فَما حاجَتُكِ قالَت: تَسأَلُ اللّٰهَ أَن یَرُدَّ عَلَیَّ شَبابِی، فَسَأَلَ اللّٰهَ فَرَدَّ عَلَیها شَبابَها، فَتَزَوَّجَها وَ هِیَ بِكرٌ. قالُوا إِنَّ العَزِیزَ الَّذی كانَ زَوجَها أَوَّلاً كانَ عِنّیناً.۱