99
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

و عن محمّد بن كعب القُرَظي۱ قال: كان نوح ـ صلّى اللّه‏ عليه و سلّم ـ إذا أكل قال: الحمد للّه‏، و إذا شرب قال: الحمد للّه‏،۲ فسمّاه اللّه‏ عبدا شكورا۳.۴

و كان شهر بن حَوْشَبٍ۵ يقول: إذا اجتَمَعَ في الطعام أربعٌ كَمُلَ كُلُّ /۳۸۲/شيء من شأنه: إذا كان حلالاً، و ذُكر اسم اللّه‏ عليه، و كثُرتْ عليه الأيدي، و حُمِد اللّه‏ُ عليه حين يُفرَغُ منه.۶

فينبغي للعبد أن يَأكل القدر الّذي يُمسِك قوّتَه و لا يتوسّع فيه، و يُتبِعه بذكر اللّه‏ تعالى حتّى يعافيه من الأدواء ؛ فإنّ أكثر الأمراض من الرُّغب۷.

و قال جالينوس: إنّهم يريدون أن يَعيشوا ليأكلوا، و أنا اُريد أن آكل لأعيش!۸

يعني أنّه ينبغي أن يُأكل مِساكا /۴۳۴/ للقوّة ؛ فإنّ الغرض منه ذلك، و كذلك كان الصالحون يفعلون، و كان إبراهيم بن أدهم كثيرا ما يتمثّل بهذين البيتين:

أبيتُ خَميصَ البطنِ و الزادُ حاضِر۹

أخافُ على المَقت۱۰ أن أتضلّعا

و أنت إذا۱۱ أعطَيتَ بطنَك سُؤلَه۱۲ و فرجَك نالا منتهى الذمّ أجمَعا۱۳

1.. أبو حمزة ، محمّد بن كعبٍ القُرَظيِّ المدينيِّ ، متعبِّدٌ زاهدٌ تابعيٌّ كان من أئمَّة التفسير ، سَقَطَ عليه سقف المسجد في المدينة فمات هو و جماعة بعد سنة ۱۰۸ هـ . راجع : سير أعلام النبلاء ، ج ۵ ، ص ۶۵ .

2.. في المصادر : + و إذا لبس قال : الحمد للّه‏ .

3.. قال اللّه‏ تعالى : «ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا» . سورة الإسراء ۱۷ : ۳ .

4.. الشكر للّه‏ لابن أبي الدنيا ، ص ۱۷۰ ، ح ۲۰۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۳ ، ص ۲۷۴ .

5.. فقيه قارئ من رجال الحديث شاميُّ الأصل ، سكن العراق ، و كان ظريفا ، مات سنة ۱۰۰ أو ۱۱۱ أو ۱۱۲ هـ . راجع : تهذيب التهذيب ، ج ۴ ، ص ۳۶۹ .

6.. لباب الألباب لاُسامة بن منقذ ، ص ۷۹ ؛ روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط ؛ ربيع الأبرار ، ج ۳ ، ص ۲۵۱ .

7.. الرُّغب : كثرة الأكل ، و شدّة النَّهمة و الشَّرَه . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۲۲ رغب .

8.. دعوة الأطبّاء لابن بطلان البغدادي نسب إلى أفلاطون ، ص ۲۹ ؛ الكشكول للبهايى ، ج ۱ ، ص۲۸۷ (نسب إلى سقراط) .

9.. في المصدر: «مضطمر العشا» بدل «و الزاد حاضر» .

10.في المصدر: «حياء أخاف الضيم».

11.. في المصدر : «فإنّك إن» .

12.في المصدر : «نفسك سؤلها» .

13.. ربيع الأبرار و نصوص الأخيار ، ج ۳ ، ص ۲۲۹ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۹ ، ص ۱۹۰ و الشعر لحاتم الحرّ عبدّ الضيف .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
98

يجوز أن يكون التقدير: «بأن يَأكل العبدُ»، فحَذَفَ الحرفَ و أوصل الفعل، و يجوز أن يكون «أن يأكل» في موضع المصدر و يكون التقدير على ذلك: إنّ اللّه‏ تعالى ليرضى أكلَ العبد و شُربَه فيشكره. و تكون الفاء للتعقيب ؛ و كُلٌّ حسن.

يقول۱ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ ربّنا ـ تبارك و تعالى ـ شكور يَقبل قليلَ العمل من العبد فيربِّيه و يكبّره حتّى يصير سببا لمغفرته، فهو يَرضى بالحمد له على الطعام الّذي يتناوله العبد فيَهنَؤه۲، و الشرابِ الّذي يشربه فيَمرؤه۳.

و روي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال: مَن أكل طعاما فقال: الحمد للّه‏ الّذي أطعَمَني هذا و رَزقني۴من غير حول منّي و لا قوّة، غُفر له ما تقدّم من ذنبه ؛۵ و مَن لبس ثوبا فقال: الحمد للّه‏ الّذي كساني هذا۶ من غير حول منّي و لا قوّة، غفر۷ له ما تقدّم من ذنبه۸.۹

و روي عن بعضهم قال: أكلْنا مع أبي الدرداء رضى‏الله‏عنه۱۰ فأغفَلْنا الحمدَ للّه‏، فقال: يا بَنِيَّ، لا تَدَعوا أن تَأدِموا۱۱ طعامَكم بذكر اللّه‏ ؛ فإنّ۱۲ أكلاً و حمدا۱۳ خيرٌ مِن أكل و صَمت.۱۴

1.. «ألف» : فيقول .

2.. الهَنيء و المَهنأ : ما أتاك بلا مشقّة . و قد هَنِئ الطعامُ و هَنُؤ يَهنأ هَناءَةً : صار هنيئا . و هَنَأني الطعامُ و هَنَأ لي ، و هَنَأني خبزُ فلان أي كان هنيئا بلا تعب و لا مشقَّة . و قد هَنَأَنا اللّه‏ُ الطعامَ . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۸۴ هنأ .

3.. «ألف» : فيتمرّؤه .
و قد مَرُؤ الطعامُ و مَرَأَ و مَرِئَ : صار مَريئا . و مَرَأَني الطعامُ و أمرَأني : إذا لم يثقُل على المعدة و انحَدَر عنها طَيِّبا . و قالوا :هَنِئني الطعامُ و مَرِئني ، و هَنَأَني و مَرَأني على الإتباع ، إذا أتبعوها هَنَأني قالوا : مَرَأني ، فإذا أفردوه عن هَنَأني قالوا : قالوا : أمرَأني ، و لا يقال : أهنأني . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۱۵۵ هنأ .

4.. في المصادر: و رزقنيه .

5.في سنن أبي داود : + و تأخّر قال .

6.. في سنن أبي داود : + «الثوب و رزقنيه» . و في مسند أبي يعلى و المعجم : + «و رزقنيه» .

7.. في المعجم : + اللّه‏ .

8.في سنن أبي داود : + و ما تأخّر .

9.. سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۲۵۳ ، ح ۴۰۲۳ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۳ ، ص ۶۲ ، ح ۱۴۸۸ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۵۰۷ ؛ المعجم الكبير للطبراني ، ج ۲۰ ، ص ۱۸۱ .

10.في المصادر : اُمّ الدرداء .

11.. «ألف» : تأدّبوا .
و أَدَمَ الخبزَ يَأدِمه ـ بالكسر ـ أدما : خَلَطَه بالاُدم . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۹ أدم .

12.. في تاريخ مدينة دمشق و تهذيب الكمال : ـ فإنّ .

13.. في تهذيب الكمال : «أكل و حمد» .

14.. تاريخ مدينة دمشق ، ج ۷۰ ، ص ۱۶۳ ؛ تهذيب الكمال ، ج ۳۵ ، ص ۳۵۷ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10961
صفحه از 465
پرینت  ارسال به