و عن محمّد بن كعب القُرَظي۱ قال: كان نوح ـ صلّى اللّه عليه و سلّم ـ إذا أكل قال: الحمد للّه، و إذا شرب قال: الحمد للّه،۲ فسمّاه اللّه عبدا شكورا۳.۴
و كان شهر بن حَوْشَبٍ۵ يقول: إذا اجتَمَعَ في الطعام أربعٌ كَمُلَ كُلُّ /۳۸۲/شيء من شأنه: إذا كان حلالاً، و ذُكر اسم اللّه عليه، و كثُرتْ عليه الأيدي، و حُمِد اللّهُ عليه حين يُفرَغُ منه.۶
فينبغي للعبد أن يَأكل القدر الّذي يُمسِك قوّتَه و لا يتوسّع فيه، و يُتبِعه بذكر اللّه تعالى حتّى يعافيه من الأدواء ؛ فإنّ أكثر الأمراض من الرُّغب۷.
و قال جالينوس: إنّهم يريدون أن يَعيشوا ليأكلوا، و أنا اُريد أن آكل لأعيش!۸
يعني أنّه ينبغي أن يُأكل مِساكا /۴۳۴/ للقوّة ؛ فإنّ الغرض منه ذلك، و كذلك كان الصالحون يفعلون، و كان إبراهيم بن أدهم كثيرا ما يتمثّل بهذين البيتين:
أبيتُ خَميصَ البطنِ و الزادُ حاضِر۹
أخافُ على المَقت۱۰ أن أتضلّعا
و أنت إذا۱۱ أعطَيتَ بطنَك سُؤلَه۱۲ و فرجَك نالا منتهى الذمّ أجمَعا۱۳
1.. أبو حمزة ، محمّد بن كعبٍ القُرَظيِّ المدينيِّ ، متعبِّدٌ زاهدٌ تابعيٌّ كان من أئمَّة التفسير ، سَقَطَ عليه سقف المسجد في المدينة فمات هو و جماعة بعد سنة ۱۰۸ هـ . راجع : سير أعلام النبلاء ، ج ۵ ، ص ۶۵ .
2.. في المصادر : + و إذا لبس قال : الحمد للّه .
3.. قال اللّه تعالى : «ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا» . سورة الإسراء ۱۷ : ۳ .
4.. الشكر للّه لابن أبي الدنيا ، ص ۱۷۰ ، ح ۲۰۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۳ ، ص ۲۷۴ .
5.. فقيه قارئ من رجال الحديث شاميُّ الأصل ، سكن العراق ، و كان ظريفا ، مات سنة ۱۰۰ أو ۱۱۱ أو ۱۱۲ هـ . راجع : تهذيب التهذيب ، ج ۴ ، ص ۳۶۹ .
6.. لباب الألباب لاُسامة بن منقذ ، ص ۷۹ ؛ روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط ؛ ربيع الأبرار ، ج ۳ ، ص ۲۵۱ .
7.. الرُّغب : كثرة الأكل ، و شدّة النَّهمة و الشَّرَه . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۲۲ رغب .
8.. دعوة الأطبّاء لابن بطلان البغدادي نسب إلى أفلاطون ، ص ۲۹ ؛ الكشكول للبهايى ، ج ۱ ، ص۲۸۷ (نسب إلى سقراط) .
9.. في المصدر: «مضطمر العشا» بدل «و الزاد حاضر» .
10.في المصدر: «حياء أخاف الضيم».
11.. في المصدر : «فإنّك إن» .
12.في المصدر : «نفسك سؤلها» .
13.. ربيع الأبرار و نصوص الأخيار ، ج ۳ ، ص ۲۲۹ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۹ ، ص ۱۹۰ و الشعر لحاتم الحرّ عبدّ الضيف .