۶۸۴.قوله صلىاللهعليهوآله: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ البَصَرَ النافِذَ۱ عِندَ مَجيءِ الشَّهَواتِ، وَ العَقلَ الكامِلَ عِندَ نُزولِ الشُّبُهاتِ، وَ يُحِبُّ السَّماحَةَ وَ لَو عَلى تَمَراتٍ، وَ يُحِبُّ الشَّجاعَةَ وَ لَو عَلى قَتلِ حَيَّةٍ.۲
يقول صلىاللهعليهوآله: إنّ اللّه تعالى يحبّ المستبصِرَ النافذَ البصيرةِ عند الشهوة الداعية إلى القبيح ؛ لأنّه إذا راجَعَ نفسَه، و شاوَرَ بصيرتَه، و أمسَكَ قبالةَ عقلِه مرارةَ عاقبة ما تَدعوه الشهوةُ إليه مِن الذمِّ و العقابِ كَفَّ و ارتدع و انخزل عنه خاسئا. و يحبّ كذلك العقلَ الكاملَ إذا نَزلتْ بالعبد شبهةٌ ؛ لأنّه عند ذلك يَتفحّص و يَبحَث و يُقدِم على الصواب إن أراه وجهَه، أو يتوقّف فعلُ مَن لا يجد دليلاً ؛ لأنّ التوقّف فرضُ مَن لا فرضَ له، و إذا لم يكن كاملَ العقل جَمَحَ۳ في الباطل و ارتَطَم فيه لا على بيّنة و لا يقين. و يحبّ كذلك السماحةَ و البذلَ و لو لم يكن إلاّ على تَمَرات، و ذِكر التمرات مَثَلٌ ؛ أي بقدر ما يَقدِر عليه، و جُهدُ المُقِلّ أعظَمُ عند اللّه مِن عفو المُكثِر.
و روي: أنّ نبيّا من الأنبياء ذَكَرَ لقومه: إنّ اللّه تعالى يَأمركم أن تُخرِجوا صدقاتِ أموالِكم. فأقبَلوا بالدنانير و الدراهم و الثِّياب و أنواع المال، و جاء في اُخرَيات الناس مسكين بباقة بقل، فضَحِكوا منه تهانفا۴ و سُخريةً! فأوحَى اللّهُ تعالى إلى ذلك النبيّ: إنّي قد قبلتُ باقةَ بقلِ هذا المسكين، و رددتُ أموالَهم ؛ لأنّه أخرج ما أخرج مخلِصا.۵
و في الحديث: إنّ اللّه لا يَنظُر إلى أعمالكم ؛ و لكن يَنظر إلى قلوبكم.۶
1.. «ألف» : النافد .
2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۵۲ ، ح ۱۰۸۰ و ۱۰۸۱ ؛ أضواء البيان ، ج ۴ ، ص ۱۸۸ ؛ البداية و النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۶۲ ؛قصص الأنبياء لابن كثير ، ج ۲ ، ص ۱۷۷ . بحار الأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۲۶۹ ، ح ۳۳ و فيه عن الشهاب .
3.. جَمَحَ إليه : أسرَعَ ، و جَمَحَ في أثَره : أسرَع إسراعا لا يردّه شيء جمح .
4.. «ب» : تهاففا .
و التهانف : الضحك بالسخرية ، و تهانَفَ به : تضاحك . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۵۰ و ۳۵۱ هنف .
5.. لم نعثر عليه .
6.. لم نعثر عليه ، نعم نقله الآلوسي في روح المعاني ، ج ۲ ، ص ۱۹۴ . و روي في بعض المصادر : «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركمو أعمالكم ، و إنّما ينظر إلى قلوبكم و نيّاتكم» . و في بعضها الآخر : «إنّ اللّه ـ تبارك و تعالى ـ لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم ، و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم» . و نحوه في بعضها الآخر . و روي الحديث عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله . راجع : سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۳۸۸ ، ح ۴۱۴۳ ؛ الأمالي للطوسي قدسسره ، ص ۵۳۶ ، ح ۱۱۶۲ ؛ معارج اليقين ، ص ۳۶۸ ، ح ۷۲۳ ؛ جواهر التصوّف ، ص ۴۹ ؛ قوت القلوب ، ج ۲ ، ص ۲۷۰ ؛ حلية الأولياء ، ج ۴ ، ص ۹۸ .