83
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

۶۸۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ اللّه‏َ يُحِبُّ البَصَرَ النافِذَ۱ عِندَ مَجيءِ الشَّهَواتِ، وَ العَقلَ الكامِلَ عِندَ نُزولِ الشُّبُهاتِ، وَ يُحِبُّ السَّماحَةَ وَ لَو عَلى تَمَراتٍ، وَ يُحِبُّ الشَّجاعَةَ وَ لَو عَلى قَتلِ حَيَّةٍ.۲

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ اللّه‏ تعالى يحبّ المستبصِرَ النافذَ البصيرةِ عند الشهوة الداعية إلى القبيح ؛ لأنّه إذا راجَعَ نفسَه، و شاوَرَ بصيرتَه، و أمسَكَ قبالةَ عقلِه مرارةَ عاقبة ما تَدعوه الشهوةُ إليه مِن الذمِّ و العقابِ كَفَّ و ارتدع و انخزل عنه خاسئا. و يحبّ كذلك العقلَ الكاملَ إذا نَزلتْ بالعبد شبهةٌ ؛ لأنّه عند ذلك يَتفحّص و يَبحَث و يُقدِم على الصواب إن أراه وجهَه، أو يتوقّف فعلُ مَن لا يجد دليلاً ؛ لأنّ التوقّف فرضُ مَن لا فرضَ له، و إذا لم يكن كاملَ العقل جَمَحَ۳ في الباطل و ارتَطَم فيه لا على بيّنة و لا يقين. و يحبّ كذلك السماحةَ و البذلَ و لو لم يكن إلاّ على تَمَرات، و ذِكر التمرات مَثَلٌ ؛ أي بقدر ما يَقدِر عليه، و جُهدُ المُقِلّ أعظَمُ عند اللّه‏ مِن عفو المُكثِر.

و روي: أنّ نبيّا من الأنبياء ذَكَرَ لقومه: إنّ اللّه‏ تعالى يَأمركم أن تُخرِجوا صدقاتِ أموالِكم. فأقبَلوا بالدنانير و الدراهم و الثِّياب و أنواع المال، و جاء في اُخرَيات الناس مسكين بباقة بقل، فضَحِكوا منه تهانفا۴ و سُخريةً! فأوحَى اللّه‏ُ تعالى إلى ذلك النبيّ: إنّي قد قبلتُ باقةَ بقلِ هذا المسكين، و رددتُ أموالَهم ؛ لأنّه أخرج ما أخرج مخلِصا.۵

و في الحديث: إنّ اللّه‏ لا يَنظُر إلى أعمالكم ؛ و لكن يَنظر إلى قلوبكم.۶

1.. «ألف» : النافد .

2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۵۲ ، ح ۱۰۸۰ و ۱۰۸۱ ؛ أضواء البيان ، ج ۴ ، ص ۱۸۸ ؛ البداية و النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۶۲ ؛قصص الأنبياء لابن كثير ، ج ۲ ، ص ۱۷۷ . بحار الأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۲۶۹ ، ح ۳۳ و فيه عن الشهاب .

3.. جَمَحَ إليه : أسرَعَ ، و جَمَحَ في أثَره : أسرَع إسراعا لا يردّه شيء جمح .

4.. «ب» : تهاففا .
و التهانف : الضحك بالسخرية ، و تهانَفَ به : تضاحك . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۵۰ و ۳۵۱ هنف .

5.. لم نعثر عليه .

6.. لم نعثر عليه ، نعم نقله الآلوسي في روح المعاني ، ج ۲ ، ص ۱۹۴ . و روي في بعض المصادر : «إنّ اللّه‏ لا ينظر إلى صوركمو أعمالكم ، و إنّما ينظر إلى قلوبكم و نيّاتكم» . و في بعضها الآخر : «إنّ اللّه‏ ـ تبارك و تعالى ـ لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم ، و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم» . و نحوه في بعضها الآخر . و روي الحديث عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله . راجع : سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۳۸۸ ، ح ۴۱۴۳ ؛ الأمالي للطوسي قدس‏سره ، ص ۵۳۶ ، ح ۱۱۶۲ ؛ معارج اليقين ، ص ۳۶۸ ، ح ۷۲۳ ؛ جواهر التصوّف ، ص ۴۹ ؛ قوت القلوب ، ج ۲ ، ص ۲۷۰ ؛ حلية الأولياء ، ج ۴ ، ص ۹۸ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
82

ناعمة، و الرُّخْص: ضدّ الغَلاء، و الرُّخْصة في الأمر خلاف التشديد فيه، و قد رُخّص له في كذا ترخيصا فتَرَخَّصَ فيه أي لم يَستقصِ.

/۳۷۸/ يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ اللّه‏ تعالى يحبّ أن يُعمل على رُخَصِه۱ الّتي سَهَّلَ بسببها الأمرَ على الناس، و منّ عليهم بها ؛ لئلاّ يَشتدَّ عليهم تكليفُ الشرائع فلا يُطيقوه، بل يَسَّرَ الأمرَ، و قارَبَ عليهم فِعلَ البَرّ الرحيمِ المُشفِق الكريم، فوَضَعَ عنهم الآصارَ۲، و حَطَّ الأوزارَ، و جَعَلَ تكليفَهم دون ما يطيقون ؛ بِرّا بهم و رأفةً۳، و رحمةً لهم، و تحنّنا عليهم، و حَطّا عنهم، فهو يحبّ أن يُعمل برُخَصِه ؛ فإنّها هدايا من اللّه‏ تعالى لعباده مثل ما يحبّ ترك معاصيه.

و في كلام بعضهم: الرخَص هدايا۴ مِن اللّه‏ تعالى، فلا تَرُدّوا عليه هديّته.۵

و فائدة الحديث: إعلام أنّه ـ عزّ و جلّ ـ لا يَكره الرخَص الّتي بيّنها ؛ بل يحبّها مَحبّةً ترك المعاصي، و أنّ الرخص لا تَثلِم۶ التقوى، و لا تَهدِم الشريعة، و لا تَفُتُّ۷ في عَضُد الاستقصاء.

و راوي الحديث: ابن عمر.

1.. «ب» : رُخْصَة .

2.. الإصر : الثِّقل ، و العهد ، و العهد الثقيل ، و الأمر الثقيل . جمعه : آصار انظر : كتاب العين ، ج ۷ ، ص ۱۴۷ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۲ أصر .

3.. «ب» : ـ و رأفةً .

4.. «ب» : ـ من اللّه‏ تعالى لعباده . . . هدايا .

5.. لم نعثر عليه ؛ و لكن روي عن ابن عباس : الرخصة مِن اللّه‏ صدقة ، فلا تردُّوا صدقته . راجع : زهر الآداب و ثمر الألبابلإبراهيم القيرواني ، ج ۱ ، ص ۹۲ .

6.. ثَلَمَ الإناءَ و السيفَ و نحوَه و ثَلَّمَه فانثَلَم و تثلَّم : كَسَرَ حَرفَه . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۷۸ ثلم .

7.. «ألف» : تفث .
فَتَّ الشيءَ : دَقَّه ، و كلَّمه بشيء ففَتَّ في ساعده أي أضعَفَه و أوهنه ، و يقال : فَتَّ فلانٌ في عضدي ، و هَدَّ ركني ، و فَتَّ فلان في عضد فلان ـ و عضدُه أهل بيته ـ إذا رام إضرارَه بتخوُّنه إيّاهم . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۶۴ فتت .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10976
صفحه از 465
پرینت  ارسال به