65
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

الأوثان إلى عبادة المَلِك الديّان.

ثمّ قال عليه‏السلام: «و۱ سيعود كما بدأ» إشارةٌ إلى ما يُستأنف بَعدَه مِن المعاصي و المَخابِث و الرغبةِ عن معرفة الدِّيانات، فيَتَّبعون الدنيا و مَلاذَّها و الشهواتِ و أطايِبها، و لا يَكترثون مِن تَراجُع اُمور الدين، يَغصِبون۲ و يشتمون و يأكلون۳ أموالَ اليتامى ظلما، و يَتعدّون حدودَ اللّه‏ إلى محارمه، و يَمُدّون أيديَهم إلى الخَمر و الزَّمْر۴ و القَمْر و غير ذلك من أنواع الفسق، حتّى إنّهم ليَستهزئون بالخاشع الخاضع، و يولَعون به و يَتهافتون بفعله۵ عليه، و يستخفُّون به، و يَستظرِفون۶ الفاسقَ، و يُلطِفونه و يُعطونه، فإذا۷ كان كذلك كان الدين غريبا فيما بينهم ؛ لأنّهم لَيسوا بأهلِه، إنّما أهلُه۸ الصالحون المُصلِحون الّذين يحرِّمون محارمَه، و يَقِفون عند حدوده.

و كأنّه عليه‏السلام عنى بذلك۹ زماننا هذا الّذي نحن فيه.

ثمّ قال عليه‏السلام: «فطوبى للغُرَباء» يعني الّذين يكونون۱۰ غرباءَ فيما بينهم ؛ لأنّهم لا يَتعاطَون أفعالَهم، و لا يَشتغلون بما اشتَغلوا به، فهم كالغرباء فيهم.

1.. «ألف» : ـ و .

2.. «ألف» : يغضبون .

3.. «ب» : يتأكَّلون .

4.. الزَّمْر بالمِزمار ، زَمَرَ يَزمِر و يَزمُر زَمْرا و زَميرا و زَمَرانا : غَنَّى في القَصَب . و المِزمار و الزَّمَّارة : ما يُزمَر فيه . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۲۷ زمر .

5.. «ألف» : يتهاتفون عليه .
و التهافت : التساقط قطعةً قطعةً . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۰۴ هفت .

6.. «ألف» : يتسحفون و يستطرفون .
و استظرفه : وَجَده ظريفا . و الظريف من الظَّرْف بمعنى : البَراعة و ذكاء القلب ، و قيل أيضا : حسن العبارة أو حسن الهيئة أو الحذق بالشيء . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۲۲۸ ؛ تاج العروس ، ج ۱۲ ، ص ۳۶۵ ظرف .

7.. «ألف» : و إذا .

8.. «ألف» : ـ إنّما أهله .

9.. «ب» : ـ بذلك .

10.. «ألف» : طوبى للغرباء الّذين غرباء .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
64

و فائدة الحديث: التحذير من اتّباع الشهوتين، و الحَثُّ على اتّباع التقوى و اختيارها و إيثار الخُلق الحَسَن.

و راوي الحديث: أبو هريرة، قال: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله /۳۷۳/لأصحابه:۱ تَدرُون ما أكثَرُ ما يُدخِل الناسَ النار؟ قالوا: اللّه‏ُ و رسوله أعلم. قال: فإنّ أكثر ما يُدخِل الناسَ النارَ الأجوَفانِ الفَرْجُ و الفَم، أ تدرون۲ ما أكثرُ ما يُدخِل الناسَ الجنّةَ؟ قالوا: اللّه‏ و رسوله أعلم. قال: فإنّ أكثرَ ما يُدخِل الناسَ الجنّةَ تقوى اللّه‏ِ و حُسنُ الخُلق.۳

۶۷۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَريباً، وَ سَيَعُودُ۴ كَما بَدَأَ، فَطُوبَى لِلغُرَباءِ.۵

بَدْؤُ الدين غريبا لِقِلَّة المستأنسين به ؛ و ذلك لأنّه بَدَأَ و الخَلقُ إمّا عُبّادُ أصنامٍ، أو يهود أو نصارى مُحرِّفون مبدِّلون لدينهم، فلمّا ظَهَرَ و صَدَعَ به رسولُ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان غريبا فيما بينهم، و لذلك كانوا يَشمئزّون منه و يَستنكِفون من قبوله و التزامِ أحكامه، و يقولون: لا نترُك دينَ آبائنا الّذي /۴۲۰/ نَشَأْنا عليه إلى أن قَوّاه اللّه‏ُ تعالى، و استقَرَّ في القلوب، و ظَهَرَ على الأديان، و غَلَبَ كُلَّ نِحلة، كما قال تعالى: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»۶، و كم قاساهم النبيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تارةً يَدعونه الساحرَ، و اُخرى الشاعرَ، و تارةً الكاهنَ! فلم يَزَلْ يَحتملُ و يُلايِنهم طَورا بحُسن المَسّ و طورا بحرّ۷ الحسّ حتّى استَنزلهم عن عبادة

1.. في المصدر : لأصحابه .

2.. في المصدر : «تدرون» بدون همزة الاستفهمام .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۳۷ ، ح ۱۰۵۰ .

4.. «ب» : + الدين .

5.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۳۷ و ۱۳۸ ، ح ۱۰۵۱ ـ ۱۰۵۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۸۹ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۱۲۹ ،ح ۲۷۶۵ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۳۴ ، ح ۶۷ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۳ ، ص ۱۵۶ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۷ ، ص ۱۶ مع اختلاف يسير في الجميع عدا الأوّل .

6.. التوبة ۹ : ۳۳ .

7.. «ألف» : بجز .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10535
صفحه از 465
پرینت  ارسال به