289
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

بيت التراب، و اقتطعه من الحبائب و الأحباب، لم ينصره إخوانُه /۵۰۴/ إلاّ بقطرات دموع قُصاراها الانقطاع، و لم يُغنِ عنه أعوانُه بقيامٍ عاقبته الاضطجاع، فبقي مسكيناً وحيداً رهين عمله مقطوعاً عليه طريقُ أمله.

و روى ابن الهاد، قال: أتى رجُلٌ رسولَ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يشكو جاراً له فقال: اصبِر على أذاه، و اكفُف. ثمّ أتاه بعد ذلك يشكو، فقال له مِثلَ ذلك، ثمّ أتاه فقال: يا رسول اللّه‏، إنّ الّذي كنت أشكوه هَلَكَ. فقال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كفى بالموت واعظاً، و كفى بالموت مفرِّقاً.۱

ثمّ قال عليه‏السلام: «كفى باليقين غنًى»، و اليقين: علم قطعيٌّ بعد الشكّ، و لذلك لا يقال للّه‏ تعالى: موقن، و يقال له۲: عالم ؛ لأنّ عِلمَه ـ عزّ وجلّ ـ ليس عن شَكٍّ.

فيقول عليه‏السلام: كَفاك مِن الغنى يقينُك بربّك ؛ فإنّك بهذا اليقين و الإقرار أغنى الأغنياء ؛ لأنّه يَتأدّى بك إلى بقاء الأبد۳ في نعيم و سُرور و بهجة و حُبور۴ و قُصور و حور ؛ نُزُلاً مِن رحيم غفور۵، و في الدنيا أيضاً لا يُهملك ؛ بل يَفتح عليك أبوابَ الرزق إذا توكّلت عليه و انقطعت إليه.

ثمّ قال عليه‏السلام: «كفى بالعبادة شغلاً» ؛ يعني أنّها هي الشغل الّذي خُلقتَ له لتَنال۶ بها السعادةَ الأبديَّة و النعمة السرمديَّة، فتكفيك العبادة عوضاً عن كلّ شغل، فَالْهَ عن جميعها،

1.. لم نعثر عليه ، نعم روي ما يقرب من هذا . راجع : الدعوات ، ص ۲۴۰ ، ح ۶۷۳ ؛ فيض القدير ، ج ۴ ، ص ۷۲۰ ؛ كشفالخفاء ، ج ۲ ، ص ۱۱۲ ، ح ۱۹۳۳ ؛ تنبيه الخواطر و نزهة النواظر ، ج ۲ ، ص ۲۱۵ ؛ لباب الآداب ، ص ۲۶۲.

2.. «ب» : ـ له .

3.. «ب» : الأدب .

4.. الحُبور : السُّرور . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۲۰ حبر .

5.. و في سورة فصلت ۴۱ : ۳۲ هكذا : «نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ» .

6.. «ألف» : لينال .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
288

و فائدة الحديث: إعلام أنّ البقاء في السلامة يكفي في التأدية إلى الداء، أو۱ يكفي دليلاً على سخط اللّه‏ تعالى.

و راوي الحديث: أنَس بن مالك.

۸۵۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: كَفَى بِالمَوتِ وَاعِظاً، وَ كَفَى بِاليَقينِ غِنًى، وَ كَفَى بِالعِبادَةِ شُغلاً.۲

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: «كفى بالموت واعظاً»، و لَعَمري إنّه كافٍ ؛ بَينا ترى الفتى شاطراً۳ خاطراً۴ تَنزو۵ به شِرَّة شبابه، و تُعجِبه مُباراةُ۶ أترابه، يَغبِطه مَن رآه لتمامه و كماله و جِدَته۷ و اقتباله، غافَصَه۸ الموتُ فاختلسَه مِن بين الأهلِينَ و الأصحاب و اللِّدات۹ و الأتراب، و أسكنه

1.. «ألف» : و .

2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۲ ، ح ۱۴۱۰ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۳۰۸ ؛ الاستيعاب ، ج ۳ ، ص ۱۱۴۶ ؛ الجامع الصغير ،ج ۲ ، ص ۲۷۲ ، ح ۶۲۴۵ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۲ ، ص ۵۸۵ ، ح ۳۵۸۱۸ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۷۵ ، ح ۲۸ و فيه عن أمير المؤمنين عليه‏السلام ، تحف العقول ، ص ۳۵ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۲۶۴ (و فيه أيضا عن أمير المؤمنين عليه‏السلام) .

3.. شَطَرَ عن أهله شُطورا : إذا نزح عنهم و تركهم مراغما أو مخالفا و أعياهم خبثا . و الشاطر : الّذي أعيا أهلَه و مؤدِّبَه خبثا . و قال أبو إسحاق : قول الناس : «فلان شاطر» معناه أنّه أخذ في نحوٍ غير الاستواء . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۰۸ شطر .

4.. الخاطر : المتبختِر ؛ يقال : خَطَرَ يَخطِر : إذا تبختر . و الخطير و الخَطَران عند الصولة و النشاط ، و هو التصاول و الوعيد . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۴۹ خطر .

5.. النَّزْو : الوُثوب و الوَثَبان ، و نَزا به قَلبُه : طَمَحَ ، و النزو في الخيل يقارب العَدْو . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۲۰ نزو .

6.. المباراة : المجاراة و المسابقة و المعارضة . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۷۰ بري .

7.. جِدَته : غناه و يساره وسعته . انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۴۵ وجد .

8.. «ألف» : غافضة .
و غافَضَ الرجُلَ مغافضةً و غِفاضا : أخذه على غِرّة فركبه بمساءة ، و أخذتُه مغافصةً : أخذتُه معازّةً . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۶۱ غفص .

9.. لِدَة الرجُل تِربه ، و اللِّدة : التِّرب ، و الجمع لِدات و لِدون . و الترِّب : السِّنّ . و هذه تِرب هذه أي لِدَتها . و قيل : تِرب الرجُل : الّذي ولد معه ، و أكثر ما يكون ذلك في المؤنث . يقال : هي تربها و هما تِربان و الجمع أتراب . و بالفارسية : هَم سنّ و سال ، همسال . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۲۲۷ ترب ؛ و ج ۳ ، ص ۴۶۷ (ولد) ؛ فرهنگ أبجدي ، ص ۲۲۱ (الترب) .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11010
صفحه از 465
پرینت  ارسال به