أعمى بصيرتَه حتّى يَنفُذ فيه حكمُه و تقديره. و ذِكر سلب العقول مَجاز، فنحن نعلم أنّ الّذي يُخطِئ على نفسه التدبيرَ عاقل لم يَزُل عقلُه، و لو زال عقلُه زال تكليفه، و لو زال تكليفه لكان غيرَ مَلوم، فلِمَ يُلام مَن يُخطئ التدبير؟! فصحّ أنّه يَسلبه رأيَه و يُذهِله و يُغفِله و إن كان لا يَسلُب عقلَه الّذي هو يؤهّله للتكليف، و هذا كما قال ابن۱ عبّاس رضىاللهعنه: إذا جاء۲ القضاءُ عَمِيَ البصرُ.۳
و نحن نعلم أنّ الحاسّةَ الّتي ترى۴ لا تعمى ؛ بل البصيرة الّتي في القلب. و قال الشاعر:۵
و إذا أراد اللّهُ رِحلةَ نِعمةٍ
عن دار قوم أخطَؤوا التدبيرا۶
و أخَذَ الحديثَ بعضُ المتأخِّرين۷ فنَظَمَه فقال:
إذا أرادَ اللّهُ أمراً بامرئٍ
و كان ذا رأي و عقل۸ وَ بَصَرْ
أغْراه بالجهل و أعمى قلبَه ۹و سَلَّه مِن رأيه۱۰ سَلَّ الشَّعَر
حتّى إذا أنفَذَ فيه أمرَه۱۱رَدَّ إليه۱۲ عقلَه۱۳ ليعتبر۱۴
1.. «ب» : ـ ابن .
2.. في أحكام القرآن : «وقع» . و في فيض القدير ، ص ۷۴ و البحار و كشف الخفاء : «نزل» .
3.. معاني القرآن للنحّاس ، ج ۵ ، ص ۱۲۳ ؛ المبسوط للسرخسي ، ج ۱۰ ، ص ۳۰ ؛ فيض القدير ، ج ۲ ، ص ۷۴ و ۲۵۴ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۱ ، ص ۲۸۹ ، ذيل ح ۵۲ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۸۰ .
4.. «ب» : يرى .
5.. هو أبو عبد اللّه الضرير الأنبوردي .
6.. يتيمة الدهر ، ج ۴ ، ص ۱۰۳ ، تحت الرقم ۲۵ .
7.. هو أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه بن إسماعيل النيشابوري . كان متقدما في الأدب ، متبحّرا في علم اللّغة و العروض ،مصنّفا للكتب .
8.. في يتيمة الدهر : ذا عقل و رأي .
9.في الأنساب : عينه .
10.. في الأنساب : عن عقله .
11.. في الأنساب : حكمه .
12.. في يتيمة الدهر : عليه .
13.. «ألف» : ـ عقله .
14.. يتيمة الدهر ، ج ۴ ، ص ۴۸۳ .