بالضمّ، و يقال: «ما كنتُ حبيباً، و لقد حَبِبتُ» بكسر الباء، فقوله عليهالسلام: «أحَبُّ العباد» إن كان مِن حَبُبَ فهو على بابه، و إن كان مِن حَبَّه يَحِبُّه فهو غريب غير مَقيس ؛ لأنّه لا يُبنى للمفعول بناءُ المبالغة، لا يقال مِن ضُرِبَ: «زيدٌ أضرَبُ مِن عمرو»، و لا من شُتِمَ: «بكر أشتَم مِن خالدٍ» ؛ إلاّ أحرُفاً شاذّةً جاءت على غير القياس كقولك مِن سُعِدَ۱ فهو مسعودٌ: «زيد أسعَدُ مِن عمرو»، و مِن حُمِدَ: «أحمَدُ»، و من شُئِمَ: «أشأَمُ»، و من سُرَّ: «أسَرُّ»... إلى أحرُفٍ اُخَرَ.
فيقول صلىاللهعليهوآله: أحَبُّ العباد إلى اللّه الأتقياء ـ و هو جمع تقيٍّ و هو الوَرِع ـ و الأخفياءُ جمع خفيّ و هو المتستّر۲ المغمور ما بين الناس ؛ لم يَشهَر نفسَه بشهرة، و لا أعلَمَها بعلامةٍ ؛ /۴۰۶/ سِرُّه إلى ربّه، و ثوابُه عليه.
و فائدة الحديث: إعلام أنّ اللّه تعالى يَختصّ بالحبّ الأتقياءَ المغمورين.
و تمام الحديث: الّذين إذا غابوا لم يُفتقدوا، و إذا شَهِدوا لم يُعرَفوا، اُولئك أئمّة الهدى و مصابيح العلم. و في أوّل هذا الحديث: إنّ أدنى الرياء شرك، و أحبّ العباد... الحديث.
و راوي الحديث: مُعاذ بن جَبَل رضىاللهعنه.
۸۰۰.قوله صلىاللهعليهوآله: أَحَبَّ اللّهُ عَبداً سَمْحاً بَائِعاً وَ مُشتَرياً، قاضياً وَ مُقتَضياً.۳
«السَّمْح»: السهل الجواد، و قد سَمَحَ فهو سَمْح مِن قوم سُمَحاء، و كأنّ سُمَحاء جمع سَمِح، و المسامَحة: المساهلة، و التسامح: التساهل، و كذلك، حتّى يقال للجوز الّذي يَسهُل استخراجُ قلبه: جَوزٌ سَمْح، و بالعكس منه جوزٌ شحيح.