هو من السيّئة ضدّ الحسنة.
يقول صلىاللهعليهوآله: لَأن يكونَ الرجُلُ وحدَه يَذكر اللّه تعالى و يعبده و يقرأ القرآن و يشتغل عن الذنوب و الآثام خير له مِن أن يُجالِس مَن يَرتضخ۱ منه فساداً، أو يُسمِعه ما لا يُرتضى، أو يصُدُّه عن ذكر اللّه تعالى، أو يدعوه إلى الدنيا أو إلى الفسق و الفجور ؛ و لو لم يكن للوحدة من الخير إلاّ أن يكون الرجُلُ مصدوداً عن أكثر الذنوب لكفى ؛ و ذلك أنّه إذا كان وحده استحالَ منه أن يَكذِبَ أو ينافق أو يَسعى بشرّ، أو يَقتُلَ أو يَزني أو يَشتِم أو يَغتاب.
ثمّ قال عليهالسلام: «و الجليس الصالح خير من الوحدة» ؛ لأنّه يدعوه إلى كلّ خير، و يَنهاه عن كلّ شرّ ؛ فإن شَرَع في طاعةٍ عاوَنه عليها، و إن عَرض له شغلٌ سعى له فيه، و إن وَقعتْ له واقعةٌ تَضافر معه و كان له كأخيه المشفق، بل أبَرَّ و أرحم.
ثمّ قال عليهالسلام: «و إملاء الخير خير مِن السكوت»، و «الإملاء»: الإمداد، و هو من المَلاوة و هي المُدّة من الزمان، و تَملَّيتُ به: تَمتَّعتُ زماناً، و مَلاَّه اللّه العُمرَ، و المَلاء: الفَلاة الممتدّة، و المَلَوانُ: الليلُ و النهار، و أصل «م ل و»: الامتلاء۲ ؛ فأمّا أمليتُ الكتابَ فيجوز أن يكون مِن هذا، و يجوز أن يكون مِن أملَلتُ فخُفّف، كدَسّاها مِن دَسَّسها.
يقول عليهالسلام: إمداد الكلام بمَدد الخير خير من السكوت، و السكوت خير من إمداد۳ الكلام بالشرّ.
و قال الشاعر:
اُهرُب بنفسك و استَأنسْ بوحدتها
تَلْقَ السُّعودَ إذا ما كنتَ منفرداً
لَيتَ الكِلابَ۴ لنا كانت مُجاوِرةً۵
و إنّنا لا نَرى ممّن نَرى أحداً