17
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

و في حديث أبي بكر و قد سئل۱ عن الإزار فقال: سَدِّدْ و قارِب ؛۲ أي أحكِمْ و سَهِّل الأمرَ، و لا تُرْخِ إزارَك فتُفْرِطَ في إسباله۳، و لا تُقلِّصه۴ فتُشمّره۵ ؛ و لكن بين ذلك.

و «أبشِروا» بالباء و الشين، و كذا قرأته في الأصل، و الإبشار هو الاستبشار و الفرح الّذي يَبدو انتشارُه۶ في البَشَرة، تقول: بَشَرتُه۷ و أبشرته و بشّرته فأبشَرَو استَبشَرَ۸ ؛ أي أبشِروا بالمغفرة و الخير الّذي تَقدَمون عليه غدا، و يَسِّروا أوفقُ هنا /۴۰۰/ من أبشروا، و معناه: سَهِّلوا و استعينوا بالغدوة و الروحة۹. «فالغُدوة» ما بين الصلاة إلى طلوع الشمس. و «الروح» الرَّواح.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: استعينوا بطاعة هذين الوقتين كما قال تعالى: «فَسُبْحَانَ اللّه‏ِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ»۱۰ أي سبّحوه في هذين الوقتين.

و قوله عليه‏السلام: «و شيء من الدُّلجة»، و الدلجة: سير آخر الليل، و هو كناية عن صلاة

1.. في الفائق : سأل النبيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .

2.. الفائق ، ج ۲ ، ص ۱۳۲ ؛ النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۵۲ سدد .

3.. أسبَلَ إزارَه : أرخاه . و أسبَل فلانٌ ثيابَه: إذا طَوَّلها و أرسلها إلى الأرض .
و في الحديث : أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال : ثلاثه لا يكلّمهم اللّه‏ يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكّيهم . قال : قلت : و مَن همخابوا و خسروا؟ فأعادها رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهثلاث مرّات : المُسبِل و المنّان و المُنَفِّقُ سِلعتَه بالحلف الكاذب . قال ابن الأعرابي و غيره : المُسبِل الذي يطوِّل ثوبَه و يرسله إلى الأرض إذا مشى ، و إنّما يفعل ذلك كبرا و اختيالاً . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۱ سبل .

4.. قَلَصَ و قَلَّصَ و تَقَلَّصَ كلّه بمعنى تَدانى و انضمّ و انزَوى ، و قلَّصتُ قميصي : شمَّرتُه و رفعتُه . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۷۹ قلص .

5.. شَمَّر الشيءَ فَتَشَمَّر : قَلَّصَه فتَقَلَّصَ ، و شَمَّر الإزار و الثوبَ : رَفَعَه . و يقال : شمَّر عن ساقه . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۲۸ شمر .

6.. «ألف» : ابتشاره .

7.. «ألف» : يقول : أبشرته .

8.. «ألف» : فأبشروا فاستبشروا .

9.. و في الحديث : لَغَدوَةٌ أو رَوحة في سبيل اللّه‏ ؛ المَرَّة من الغدوّ ، و هو سير أوّل النهار نقيض الرَّواح . و الغدوة ـ بالضم ـ : البُكرة ما بين صلاة الغدادة و طلوع الشمس . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۱۶ غدو .

10.. الروم ۳۰ : ۱۷ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
16

«اليُسر»: السهولة، و هو ضدّ العسر.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الدين الّذي جِئتُ به مِن عند اللّه‏ سهلٌ عَفو۱ ليست فيه صعوبةٌ كما كان في الأديان الّتي كانت قبلُ مِن التكاليف الشاقّة و الاُمور الصعبة. و يَحتمل وجها آخَرَ و هو أنّ هذا الدين يؤدّي إلى اليسر و السهولة و الراحة ؛ يعني الثواب الأبديّ، فأقام المسبَّبَ مقام السبب.

ثمّ يقول عليه‏السلام: و لن يُغالِبَ هذا الدينَ أحد، و لن يماتِنه۲، إلاّ غلبه الدين ؛ يعني أنّه لو أراد أحد أن يغالب في الطاعة و احتمال المشقّة فيه لغلبه و أعياه ؛ أي إنّه لا يمكنه القيام بجميع ما يمكن من العبادات.

و قوله عليه‏السلام: «و لن يُشادَّ۳» يقتضي الوجه الأوّل الّذي هو الإخبار عن الدين بأنّه لم يكلِّف اللّه‏ُ تعالى شاقّا صعبا لا يطاق.

ثمّ قال: فسدِّدوا و قاربوا ؛ أي ائتوا۴ بما هو السَّداد۵، و وَفقُ الأمر، و لا تَتجاوز۶ الحدَّ. و «التسديد» و التَّوفيق.

1.. العَفو هنا : ما أتى بغير مسألة ، و أدرك الأمرَ عَفْوا صَفوا ؛ أي في سُهولة و سَراح . و يقال : خذ من ماله ما عَفا و صفا ؛ أي ما فَضَلَ و لم يَشُقَّ عليه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۷۶ عفو .

2.. «ألف» : يماينه .
و ماتَنَ الرجُلَ : فَعل به مثلَ ما يفعل به ، و هي المطاولة و المماطلة ، و ماتَنَ فلانٌ فلانا إذا عارضه في جدل أو خصومة . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۳۳۹ متن .

3.. قال ابن منظور : شادَّهُ مُشادَّةً و شِدادا : غالَبَه . و من الحديث : مَن يُشادِّ هذا الدينَ يَغلِبه . أراد يَغلِبُه الدِّينُ ؛ أي من يقاويه و يقاومه و يكلِّف نفسَه من العبادة فوق طاقته . و المُشاددة : المغالَبة ، و هو مِثل الحديث الآخر : إنّ هذا الدين متين فاُوغِل فيه برِفق . لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۳۳ شدد .

4.. «ألف» : ابنوا .

5.. السَّداد : الصواب ، و الموفَّق الذي لا يعاب ، و القصد من الأمر و العدل فيه ، و الاستقامة . انظر لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۲۰۷ ـ ۲۱۰ سدد .

6.. «ب» : تتجاوز .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10886
صفحه از 465
پرینت  ارسال به