129
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

الطاعةُ إذا بالَغَ فيها الإنسانُ، و كَلّف نفسَه فوق ما تطيق، تَكِلُّ سريعا ؛ لأنّ الملال عليه غالب، فينقطع عن العبادة من غير أن يكون استَكثر منها و أراحَ نفسه مِن تعبها. بل الأولى أن يكون مقتصدا مروِّحا نفسَه في العبادة مُدْرِجا لها إلى مستطاعها.

و قال تميم الداري: خُذ مِن دينك لنفسك و من نفسك لدينك حتّى يَستقيم بك الأمرُ على عبادة تُطيقها.۱

و هذا الحديث كقوله عليه‏السلام: مَن يُشادِّ هذا الدينَ يَغلِبه.۲

و فائدة الحديث: النهي عن استكثار العبادة بمَرّة حتّى تَكلّ النفس و تُحتَر۳.

و راوي الحديث: جابر بن عبد اللّه‏ رضى‏الله‏عنه.

۷۲۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَخرُجَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيفِهِ إِلَى بابِ الدَّارِ.۴

أمَرَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بإكرام الضيف الّذي يتحرّم۵ بطعامك، و الخروجِ معه إلى باب الدار إجلالاً له۶ و إعلاما أنّ خدمته عليك واجبة بما أكّد به الحقوقَ عليك۷ بدخوله دارَك و مدِّ يده إلى طعامك، و أدبُ الضيافة أن تَبدأ۸ أوّلاً بإكرام الضيف بالإنزال، ثمّ لا تُعرِّج۹ على شيء دون

1.. غريب الحديث لابن سلاّم ، ج ۲ ، ص ۲۹ ؛ الفائق ، ج ۳ ، ص ۳۷۲ ، ذيل مادّة «وغل» ؛ الدرّ المنثور ، ج ۱ ، ص ۱۹۳ .

2.. مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۴۲۲ ؛ مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۴۷ ، ح ۳۹۷ و ۳۹۸ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۳ ، ص ۱۸ .

3.. «ألف» : تحتر .
الحَثَرة : انسلاق العين ، و تصغيرها : حُثَيرة ، و الحَثَر : خشونة يجدها الرجُل في عينه من الرمَص . و اُذن حَثِرة : إذا لم تسمعسمعا جيّدا . و لسان حَثيرٌ : لا يجد طعم الطعام . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۱۶۴ حثر .

4.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۸۴ ، ح ۱۱۴۹ و ۱۱۵۰ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۱۱۴ ، ح ۳۳۵۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ،ص ۳۷۶ ، ح ۲۴۶۳ ؛ كنز العمّال ، ج ۹ ، ص ۲۴۸ ، ح ۲۵۸۷۱ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۳ ، ص ۱۴۵ .

5.. «ألف» : يتجرّم .

6.. «ألف» : ـ له .

7.. «ألف» : أكّد عليك به الحقوق .

8.. «ألف» : يبدأ .

9.. التعريج على الشيء : الإقامة عليه . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۳۲۱ عرج .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
128

۷۲۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتينٌ فَأَوغِلْ فِيهِ بِرِفقٍ، وَ لاَ تُبغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ طَاعَةَ اللّه‏ِ ؛ فَإِنَّ المُنْبَتَّ لاَ أَرْضاً قَطَعَ وَ لاَ ظَهراً أَبقَى.۱

«المَتين»: الصُّلب الشديد، و قد مَتُنَ مَتانةً: صَلُبَ و قَوِيَ. «فَأَوغِلْ» الإيغال: السَّير الشديد، و الوُغول: الدخول في الشيء، و كذلك التوغّل، و قد وَغَلَ، و تَوَغَّلْ أي سِرْ فيه برفقٍ و هِينة.

و «المُنبَتُّ»: الّذي يُنقطع به و تُعطَبِ۲ راحلته، و هو من البَتّ: القطع، يقال: بَتَّه يَبُتُّه و يَبِتُّه، و الكسر شاذٌّ، و انبَتَّ: انقطع. و «الظَّهر»: الركاب، و يقال: «بنو فلانٍ مُظهِرون» إذا كان لهم ظَهر يُنقلَون عليه، كما يقال مُنجِبون إذا كانوا أصحابَ نجائب۳.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: هذا۴ الدِّين ـ أي دين الإسلام ـ شديدٌ قويّ لا نهاية للطاعة فيه، و لا يمكن غلبته، فإن أطعتَ فلا تُوغِلْ، و لا تُمعِنْ إلى نِهايةٍ تَعجِزُ عنها و غايةٍ تَرتَدُّ۵ منها، فحينئذٍ يكون كالمنقطَع به في السفر الّذي كَلَّفَ دوابَّه و ظَهرَه فوقَ ما يَستطيع، فكَلَّتْ و مَلَّتْ و رَزَحتْ۶ فذَلَّتْ ؛ فلا الطريقَ قَطَعَ، و لا الركابَ أبقى، و بَقِيَ حسيرا بهيرا۷، فكذلك

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۸۴ ، ح ۱۱۴۷ و ۱۱۴۸ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۳ ، ص ۱۹ ؛ معرفة علوم الحديث للحاكم ،ج ۹۶ ؛ الفائق في غريب الحديث ، ص ۳۷۱ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۴۰ ، ح ۵۳۷۹ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۲۱۷ ، ح ۲۳۳۹ . المجازات النبويّة ، ص ۲۶۰ ، ح ۲۰۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۱۱۰ ، ح ۲۷۰ .

2.. العَطَب : الهلاك ، يكون في الناس و غيرهم . عَطِبَ ـ بالكسر ـ عَطَبا : هَلك . و أعطَبَه : أهلكه . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۶۱۰ .

3.. النجيب من الإبل هو القويّ منها الخفيف السريع ، و ناقة نجيب و نجيبة ، و الجمع النُّجُب و النَّجائب . انظر : لسان العرب ،ج ۱ ، ص ۷۴۸ نجب .

4.. «ألف» : هو .

5.. «ألف» : تريد .

6.. رَزَحَ الناقةُ رَزْحا و رَزاحا و رُزوحا : سَقَط من الإعياء هُزالاً . و قولهم رَزَحَ فلانٌ معناه : ضَعُفَ و ذَهَبَ ما في يده ، و أصله من رَزاح الإبل إذا ضَعُفتْ و لصقت بالأرض فلم يكن بها نهوض . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۴۸ رزح .

7.. بُهِرَ الرجُلُ فهو مبهور و بهير : إذا أصابه البُهْر ، و هو ما يَعتري الإنسانَ عند السعي الشديد و العدو من النهيج و تتابع النفَس . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۸۲ بهر .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10770
صفحه از 465
پرینت  ارسال به