117
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

۷۱۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِندَ اللّه‏ِ يَومَ القيامَةِ عَبداً أَذهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنيا غَيرِهِ۱.

قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: «من شرّ الناس» مِن للتبعيض ؛ يعني: بعض أشرار الناس عبدٌ هذه صفته.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: شرّ الناس عبدٌ باعَ دينَه بدنيا غيره، مِثلُ الحُباة۲ و المسبِّبين۳ و الظَّلَمة و أعوانهم و السادة و أشياعهم و الولاة و أتباعهم الّذين يَغصِبون أموالَ الناس لمولاهم، و يخرِّبون آخرتَهم لدنيا صاحبهم، و يَظنّون أنّهم يَفعلون شيئا! اُولئك لا خلاق لهم في الدنيا، و لهم في الآخرة عذاب عظيم.

و عن أمير المؤمنين ـ صلوات اللّه‏ عليه ـ و سُئل: أيُّ الناس أحمَق؟ فقال عليه‏السلام: رجُل انحَطّ في هوى أخيه و هو ظالمٌ، باعَ آخرتَه بدنيا غيره.۴

و قد نظم بعض أهل العصر هذا المعنى فقال:

بائعُ الدين بدنيا نفسه

ليس يَدري خيرَه مِن ضَيرِه

و تَرى أخسرَ منه صَفقةً

بائعَ الدين بدنيا غيره

و فائدة الحديث: النهي عن إيتاغ۵ الدين و إهلاكه لرضى الظالمين.

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۷۳ ، ح ۱۱۲۵ ؛ المعجم الكبير ، ج ۸ ، ص ۱۲۳ ؛ تهذيب الكمال ، ج ۱۶ ، ص ۴۰۲ ؛ كنز العمّال ،ج ۳ ، ص ۵۱۰ ، ح ۷۶۶۱ .

2.. من الجِباية أو الجِباوة و هنا بمعنى جمع الخراج ، يقال : جَبَى الخَراجَ و الماءَ و الحوضَ يَجباه و يَجبيه : جَمَعَه ، فهو الجابي ، و الجمع جُباة . انظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۹۷ ؛ لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۲۸ جبي .

3.. «ألف» : الحياة و المستكين .

4.. لم نعثر عليه عن أمير المؤمنين عليه‏السلام ، بل روي عنه عليه‏السلام أنّه سئل : فأيّ الناس أحمق؟ قال : المغترّ بالدنيا ، و هو يرى ما فيهمن تقلّب أحوالها . راجع : الأمالي للشيخ الصدوق قدس‏سره ، ص ۴۷ ، ۶۴۴ ؛ معاني الأخبار ، ص ۱۹۹ ، باب معنى الغايات ، ح ۴ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۸۳ ، ح ۵۸۳۳ ؛ الأمالي للشيخ الطوسي قدس‏سره ، ص ۴۳۶ ، ح ۹۷۴ .
نعم ما ذكره المصنّف قدس‏سره نقل عن أبي حازم ، إلاّ أنّه روي «فأيّ المؤمنين» بدل «أيّ الناس» . راجع : سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۲۲ ، ص ۳۳ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۱ ، ص ۳۳۸ .

5.. «ألف» : اتباع .
الوَتَغ : الهلاك . وَتَغَ يَوتِغ وَتَغا : فَسَدَ و هَلَكَ و أَثِمَ ، و أوتَغَه هو أي أفسَدَه و أهلكه . و في الحديث : فإنّه لا يُوتِغ إلاّ نفسَه .يقال : قد أوتَغَ دينَه بالإثم . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۴۵۸ وتغ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
116

صاحبُه لأهل الآخرة نَكالاً.۱

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۷۱۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِندَ اللّه‏ِ يَومَ القيامَةِ مَن فَرِقَهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فُحشِهِ۲.۳

مَن يتعاطى ذلك يكون شرَّ الناس يوم القيامة و في الدنيا أيضا ؛ و إنّما خَصّ عليه‏السلام يومَ القيامة بالذِّكر لأنّ جزاء ذلك يَصل إليه فيه. و الفُحشُ: الفعلُ و القول القبيحان الشنيعان، و كذلك الفاحشةُ و الفحشاء.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: شرّ الناس و أصعَبُهم و أعظمهم عذابا يومَ القيامة الفَحّاش الّذي عَوَّد لسانَه الفحش۴ و المُجون۵، فلا يتكلّم إلاّ به، و لا يستقيم لسانُه إلاّ عليه ؛ يَشتم هذا، و يفتري على ذلك، و لا يبالي ؛ و ربّما ظَنَّ أنّه بذلك يَتظرّف، فالويل له مِن سوء العذاب يوم القيامة! و سبيلُ مَن يُعاشره أن يداريه ؛ فإنّه روي عن عائشة قالت: أقبَلَ رجُلٌ، فلمّا رآه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال: بِئسَ أخو العشيرة! فلمّا جاء و جَلَسَ كلّمه و انبَسط إليه. قالت عائشةُ: إنّك قلت ما قلت، فلمّا دخل ألنتَ له الكلام؟ قال: يا عائشةَ، إنّ شرّ الناس.. الحديث.۶

و فائدة الحديث: النهي عن إرسال اللسان كالسبُع الضاري إلى أعراض الناس.

و راوية الحديث: عائشة.

1.. أي عقوبةً ، و يقال : نَكَّلتُ بفلان إذا عاقبتَه في جُرم عقوبةً تُنَكِّلُ غيرَه عن ارتكاب مثله . انظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ،ص ۶۷۷ نكل .

2.. «ألف» : فُحشةٍ .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۷۱ و ۱۷۲ ، ح ۱۱۲۳ و ۱۱۲۴ ؛ مسند أبي داود الطيالسي ، ص ۲۰۵ ؛ إمتاع الأسماع ، ج ۲ ،ص ۲۴۵ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۶۰۳ ، ح ۸۱۲۲ . و راجع : الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۲۷ ، ح ۲ .

4.. «ألف» : ـ الّذي عوّد لسانه الفحش .

5.. المُجون : أن لا يبالي الإنسان بما صنع . لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۴۰۰ مجن .

6.. إنّ الحديث روي بألفاظ شتّى . راجع : مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۳۸ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۸۱ و ۸۶ و ۱۰۲ ؛ سنن أبيداود ، ج ۲ ، ص ۴۳۵ ، ح ۴۷۹۲ ؛ الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۲۶ ، باب من يتّقى شرّه ، ح ۱ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10661
صفحه از 465
پرینت  ارسال به