111
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

و لو قلتَ: /۳۸۵/ إنّ التقدير: /۴۳۹/ كَتَبَ صبر الغيرة على النساء، و صبرَ الجهاد على الرجال بمعنى أوجب، فحَذَفَ المضاف، كان وجها ؛ و كلمة۱ «على» في قوله: «على النساء» يقتضي هذا الوجه الثاني، و كلٌّ حسن، و يكون «على»۲ على الوجه الأوّل هي الّتي في قولك: هو عليك لا لك ؛ أي قَرَنَ۳ بينهما على كراهتهنّ، و لَمّا ذَكر النساء بعد «على» استغنى عن ذكرهنّ أوّلاً.

ووجه آخر ؛ و هو أنّ الغيرة لا تفارق النساء، فهنّ يَلزمنها لزوم ما فرض اللّه‏ تعالى عليهنّ، فكأنّ اللّه‏ تعالى خلق النساء ضعافا يَغَرن على أزواجهنّ في الحلال الّتي أباحها اللّه‏، كما خلق الرجال أقوياء: كتبها و أوجبها عليهنّ. يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ للّه‏۴ أجلادا يجاهدون العدوّ، فمَن صبر منهنّ احتسابا عند اللّه‏ و رجاء ثوابه كان لها مثل ثواب شهيد.

و روي: أنّ المأمون لمّا زَوّج بنته اُمَّ الفضل من محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم‏السلام، و حملها إلى المدينة، جعلتْ تكتب إلى والدها۵ تشكو زوجها و أنّه يُغيرها۶، فكتب إليها: يا بنيّة، إنّا لم نزوّجك منه لنحرّم عليه ما أحلّ اللّه‏.۷

و أمّا غيرة النساء فأمرٌ لا علاج له، و داء لا دواء له، و ربّما ذلك۸ أدّى إلى قتل أزواجهنّ ؛ لقلّة احتمالهنّ لذلك و قَلَقِهنّ لمكانه. فلذلك۹ قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: «من صبر منهنّ احتسابا

1.. «ب» : كلمته .

2.«ب» : ـ على .

3.. «ألف» : فرّق .

4.. «ألف» : ـ كتبها و أوجبها . . . إنّ اللّه‏ .

5.. «ألف» : تكتب إليّ و أكّدها .

6.. وَردتْ هذه الكلمة في «ألف» بدون نقطة .

7.. قال الشيخ المفيد قدس‏سره : «و قد روى الناس أنّ اُمّ الفضل بنت المأمون كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر عليه‏السلام و تقول :إنّه يتسرّى عَلَيَّ و يغيرني! فكتب إليها المأمون : يا بنيّة ، إنّا لم نزوّجك أبا جعفر لتحرّمي عليه حلالاً ، فلا تعاوي لذكر ما ذكرتِ بعدها» . الإرشاد للمفيد ، ج ۲ ، ص ۲۸۸ . و راجع : روضة الواعظين ، ص ۲۴۱ ؛ مناقب آل أبي طالب ، ج ۳ ، ص ۴۸۹ ؛ كشف الغمّة ، ج ۳ ، ص ۱۵۱ .

8.. «ألف» : ـ ذلك .

9.. «ألف» : و لذلك .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
110

و روي أنّ لقمان الحكيم كان قد توجّه مع ابنه إلى بلد من البلاد، فلمّا قربا المدينة عَثَرَ۱ الابنُ بعظمٍ جَرَحَ رجله جراحةً منكَرةً، فاحتَبس مِن دخول المدينة مشتغلاً بمعالجة رجله، و جَعَلَ ابنُه يَجزع و يحزن، فلمّا أصبح وجد المدينةَ قد خُسف بها، و إذا كالدخان المُظلِم يَسطَع منها، فحَمِدَ اللّه‏َ تعالى على عثرته!۲

و الاُمورُ خافيةٌ عنّا، و ربُّنا مِن أشفقِ المشفقين علينا، فلا يكاد يَسَعُنا إلاّ التسليم و الرضا.

و فائدة الحديث: الأمر بالرضا بقضائه و التسليم لحكمه، و إن لم تفعل فمَهْ.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن مسعود رضى‏الله‏عنه.

۷۰۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ اللّه‏َ كَتَبَ الغَيرَةَ عَلَى النِّساءِ، وَ الجِهادَ عَلَى الرِّجالِ، فَمَن صَبَرَ مِنهُنَّ احتِساباً كانَ لَها مِثلُ أَجرِ شَهيدٍ.۳

«الغَيرَة» هنا: شدّة حميّة المرأة على زوجها، و أصل «ك ت ب»: ضمّ شيء إلى شيء، يقال: كَتبتُ السِّقاءَ۴ إذا خِطتَه، و كتبتُ البغلة إذا جمعت بين شُفرَيها۵ بحلقة، و كتبتُ بالقلم إذا ضممتَ الحروف بعضَها إلى بعض، و يقال للمكتوب: كتاب، و الّذي في الحديث هو موضوع الكلمة، فكان معناه: قَرَنَ۶ الغيرةَ بالنساء، و جَمَعَ بينهما، و الجهادَ بالرجال.

1.. عَثَر و تَعَثَّرَ : كبا . و العَثرة : الزلّة ، و يقال : عَثَرَ به فَرَسُه فسَقَطَ . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۳۹ عثر .

2.. كتاب الرضا لابن أبي الدنيا ، ص ۶۳ ؛ الدر المنثور ، ج ۵ ، ص ۱۶۲ ـ ۱۶۳ ؛ إتحاف السادة المتّقين ، ج ۱۲ ، ص ۵۳۳ .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۶۹ ، ح ۱۱۱۷ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۰ ، ص ۸۸ ؛ فتح الباري ، ج ۹ ، ص ۲۸۴ ؛ الجامع الصغير ،ج ۱ ، ص ۲۷۱ ، ح ۱۷۶۷ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۶ ، ص ۴۰۷ ، ح ۴۵۱۳۴ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۲۳۶ ، ح ۷۲۲ .

4.. «ألف» : الشقاء .
و السِّقاء : ظرف الماء من الجلد ، و يُجمع على أسقيّه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۲ سقي .

5.. «ألف» : شقريها .
يقال لناحيتي فرج المرأة : الإسكتان ، و لطرفيها : الشُّفران . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۱۹ شغر .

6.. «ألف» : نشرت .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10910
صفحه از 465
پرینت  ارسال به