69
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

فقَدِمَ۱ البصرةَ فجَمَعَ بينهما، فقال إياس للشامي: أيّها الرجل، سل عنّي و عن القاسم فقيهَي المصر الحسن و ابن سيرين، فمَن أشار۲ عليك بتوليته فَوَلِّه، و كان القاسم يأتي الحسنَ و ابن سيرين، و لم يكن إياس يأتيهما، فعَلم القاسمُ أنّه إن سألهما أشارا به، فقال للشامي: لا تسأل عنّي و لا عنه ؛ فو اللّه‏ الّذي لا إله إلاّ هو إنّ إياسا أفضل منّي و أفقَه و أعلم بالقضاء، فإن كنتُ عندك ممّن يصدَّق إنّه ينبغي۳ أن تَقبل منّي، و إن كنتُ كاذبا فما يَحِلّ لك أن تولّيني و أنا كاذب. فقال إياس للشامي: إنّك جِئتَ برجُلٍ فأقمتَه على شفيرِ جهنّمَ فافتدى نفسَه من النار أن تقذفه۴ فيها /۴۲۲/ بيمين حَلَفَها كَذَبَ فيها يستغفر اللّه‏َ منها و يَنجو ممّا يَخاف. فقال الشامي: أمّا إذا۵ فَطَنتَ لهذا فإنّي اُوَلِّيك۶. فاستقضاه على كراهته۷.۸

و ذُكر عن سُفيان: لا تَصحَبْ قاضيا، و لا تَصحبْ مَن يَصحَب قاضيا، و لا تصحب من يصحب من يصحب قاضيا.۹ و إنّما أراد الّذين تَقلَّدوا القضاءَ مِن قِبل الظَّلَمةِ على أنّه يجوز أن يَتقلّد القضاءَ مِن قِبلهم إذا عَلِمَ أنّه يَضَعُ الاُمورَ مَواضِعَها، و يَأمُر بالمعروف، و يَنهى عن المنكر، و هيهات ذلك! و الأولى أن لا يَعرِفَهم و لا يَعرِفوه، و هذا كلام مُشفِق لك مُناصِح.

و فائدة الحديث: إعلام صعوبةِ أمرِ الفتنة إذا ثارت، و مزاولةِ الملوك إذا جارت، و أنّ العالِم يُمكن أن يَستمسك بهَديِ علمه فينجو إن فَعَلَ، و لم يَخدَعه الجاهُ و الحرمة و المال و

1.. في المصدر: + الرجل .

2.. في المصدر : أشارا .

3.في المصدر : لينبغي .

4.. «ألف» : فافتدى نفسه أن يقذق .

5.في المصدر : إذ .

6.. «ألف» : أدليك .

7.«ألف» : كراهية . و في المصدر : ـ على كراهية .

8.. الأمالي للسيّد المرتضى قدس‏سره ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ، و نحوه في البداية و النهاية ، ج ۹ ، ص ۳۶۸ ؛ سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون ، ص ۱۴۴ .

9.. لم نعثر عليه .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
68

متمسِّك۱ بها و لا متنسِّك، و شاع الظلمُ فلا مُنتَدَحَ۲ عنه و لا مَترك۳، و بغى بعضُهم على بعض، و تَصَرَّفَ۴ في الدين غيرُ أهله بغباوته و جهله، فيَخذُلهم۵ اللّه‏ تعالى، و يَكِلُ بعضا إلى بعض، فيَستأصِلهم الفتنةُ، إلاّ مَن أيّده اللّه‏ تعالى بالعلم ؛ فإنّه يَستضيء بنوره، و يَخلُص مِن دَيجوره، و يَعلَم ما يأخُذ و يَدَعُ، و ما يَرفع و ما يَضَع، و الأولى بالعالِم إذا كان شيءٌ مِن ذلك أن يَقبَع۶ قُبوعَ۷ القُنفذِ في بيته مُعلِّلاً بِلَوِّه و لَيتِه۸، و لذلك تَجنّب كثير من العلماء الشروعَ في أعمال الظلمة، فاعتَزَلوا جانبا، و لم يُحيطوا بهم حتّى لا يُضطَرّوا إلى۹ السلام عليهم و التصبّح و التمسّي بوجوههم، هذا سفيانُ الثوريُّ و مِسعَرُ بن كِدام۱۰ و أبو حنيفةَ، و يقال: إنّه سُمَّ في حَبسه، و إياسُ بن معاوية.۱۱

و روي: أنّ عمرَ بنَ عبدِ العزيز أرسَل رَجُلاً من أهل الشام، و أَمَرَه أن يَجمع بين إياس بن معاوية المُزَنِيّ۱۲ و۱۳ القاسم۱۴ بن ربيعة الغَطفانيّ۱۵ فيولِّي القضاءَ أنفَذَهما۱۶،

1.. «ألف» : فلا يتمسّك .

2.. المنتدَح و المندوحة : السَّعَة ، يقال : لي عنه مندوحة و منتدَح ، و إنّك لفي ندحة و مندوحة من كذا أي سَعَة و فُسحة . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۶۱۳ ندح .

3.. «ألف» : و لا يترك .

4.«ألف» : يصرف .

5.. «ألف» : بغيا به و جهلاً و يخذلهم .

6.«ألف» : يقنع .

7.. القُبوع : أن يُدخِل الانسانُ رأسَه في قميصه أو ثوبه . لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۲۵۸ قبع .

8.. هكذا في المخطوطتين . و اللَّيُّ و اللَّوُّ : الباطل ، و الحَوُّ و الحَيُّ : الحقّ . و يقال : فلان لا يَعرف الحَوَّ من اللَّوّ ؛ أي لا يعرف الكلام البيّن من الخفيّ . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۲۶۷ لوي .

9.. «ب» : على .

10.. مِسعر بن كِدام بن ظهير بن عبيدة بن الحارث ، شيخ العراق ، أبو سلمة الهلالي الكوفي الحافظ ، توفِّي سنة ۱۵۳ أو ۱۵۵ هـ . راجع : سير أعلام النبلاء ، ج ۷ ، ص ۱۶۳ ، الرقم ۵۵ .

11.. إياس بن معاوية ، قاضي البصرة ، توفِّي سنة ۱۲۱ هـ . راجع : سير أعلام النبلاء ، ج ۵ ، ص ۱۵۵ ، الرقم ۵۶ .

12.. في المصدر : المري .

13.. في المصدر : + بين .

14.. في «ألف» و «ب» كتب «القسم» و كذا الموارد الآتية ، و المراد منه «القاسم» كما في المصادر .

15.. في المخطوطتين يقرأ : «الغظفاني» . و في المصدر : «الجوشني من بني عبد اللّه‏ بن غطفان» .

16.. «ألف» : أنفدهما .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11059
صفحه از 465
پرینت  ارسال به