كقولك: مَصدوقةُ الحال أي صِدقُها، و إنّك لفي نُدحَةٍ و مندوحةٍ أي سَعَة.
يقول صلىاللهعليهوآله: إنّ لك في المعاريض الّتي يَسمع السامعُ منها شيئا، و تقصدُ۱ إلى شيءٍ آخَرَ، مُتَّسَعا عن الكذب. و إنّما بَيَّنَ ذلك رأفةً و رحمةً و تعطُّفا على المؤمنين، و ربّما يُضطَرُّ المَرءُ إلى شيءٍ مِن ذلك، فإن۲ كَذِبَ أَثِمَ، و إن صَدَقَ غَرِمَ۳، فَرَخَّصَ صلىاللهعليهوآله للمؤمن بما ظاهِرُه مرادُ المخاطب، و باطنُه صِدقٌ يُنْجِي المتكلّمَ عن الإثم.
و هذا كما وَقَعَ لبعض أهل العلم و قد كان بعض الخلفاء يحلّفه على شيء، فقال: قد عاهَدتُك على ذلك، و عَلَيَّ عهدُ اللّه أن أفعَلَ ذلك، و لا أفعَلُ إلى قيامي الساعة. فأوهَمَ الخليفةَ أنّه يَقولُ: إلى قيامِ الساعة، فتَخَلَّصَ بذلك.۴ و كما تقول: ما لي صدقةٌ. و تكون «ما»۵ للنفي. و كقول۶ القائل: و اللاهِ۷ لم أفعَلْ ذلك. يعني اللاهِيَ. و كقولك: و اللّهِ ما رَأَيتُ زَيدا ؛ أي ما أصَبتُ رِئتَه، و لا كَلَمتُه أي لم أجرَحْه.۸
و قال الشاعر:
وَقَفتُ على الديارِ «فكَلَّ مَتْني»
و لا و اللّهِ ما نَطَقتُ بِحَرْفِ۹
1.. «ألف» : يقصد .
2.. «ألف» : و إن .
3.. غَرِمَ في تجارته : مثل خَسِرَ خلاف رَبِحَ ، و أيضا الغُرم : الدَّين ، و رجُل غارِمٌ : عليه دَين ، يقال : غَرِمَ يَغرَم غُرما و غَرامةً : لَزِمَ عليه أداء الدَّين ، و أغرَمه و غرَّمه . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۴۳۶ ؛ المصباح المنير ، ج ۲ ، ص ۴۴۶ غرم .
4.. روي نحوه في رجل تخلّف زمن الرشيد عن البيعة . راجع : التذكرة الحمدونية ، ج ۸ ، ص ۲۲۳ ؛ نثر الدرر في المحاضرات ، ج ۴ ، ص ۷۶ .
5.. «ألف» : + لي .
6.. «ألف» : «يقول» بدون النقطتين للياء .
7.. «ألف» : و اللاهي .
8.. «ألف» : «جرحته» بدل «لم أجرحه» .
9.. في المصدر : «فما ملكت مدامعها القلوص» . و الشعر للحارثي . راجع : الموشّح للمرزباني ، ص ۲۳۳ .