323
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

تَقدّم في الكتاب۱ الكلام في البكاء و فضله۲، و أنّ القطرة من الدمع تُطفئ۳ البحور من النار.

و معنى الكلام و اللّه‏ أعلم: أنّه لا تَكلُّفَ في العبادة مثلُ الزهد، و لا تقرُّبَ مثل الورع، و لا تعبُّد كالبكاء۴ مِن خيفة اللّه‏.

و «التعبُّد»: تكلُّف العبادة، و هو حثّ على هذه الطاعة۵.

و راويه: عبد اللّه‏ بن عبّاس، قال: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ اللّه‏ تعالى ناجى موسى عليه‏السلام بمئة ألف و أربعين كلمةً، فكان فيما ناجاه أن قال... و ذكر الكلام.

۸۸۰.قوله جَلَّتْ عَظَمَتُه: هَذَا دِينٌ ارتَضَيتُهُ لِنَفسي، وَ لَن يُصلِحَهُ إِلاَّ السَّخاءُ وَ حُسنُ الخُلُقِ، فَأَكرِمُوهُ بِهِما ما صَحِبتُمُوهُ.۶

يقول تعالى۷: الإسلام دينٌ خَتمتُ به الأديانَ، و ارتضيتُ ما رَسمتُ فيه مِن العبادات و الشرائع لنفسي، و لا يكاد يَصلُح هذا الدين المرتضى إلاّ بالخَلَّتين المرضيّتين: السَّخاءِ و البذل بقدر الوسع، و حُسنِ الخُلق مع عبادي. ثمّ أمَرَ و قال: أكرِموا۸ هذا الدينَ بهذين العمودين ـ أي۹ الفعلين ـ مدّةَ صُحبتكم له ؛ أي مدّةَ بقائكم و لُبثِكم في دار الدنيا.

1.. «ألف» : ـ في الكتاب .

2.. ذيل حديث : عَينَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَينٌ بَكَتْ في جَوفِ اللَّيْلِ مِن خَشيَةِ اللّه‏ِ ، وَ عَينٌ بَاتَتْ تَحرُسُ في سَبيلِ اللّه‏ .

3.. «ألف» : لتطفئ .

4.. الف : مثل البكاء .

5.. الف : الطاعات .

6.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۲۹ ، ح ۱۴۶۱ ؛ كتاب المجروحين ، ج ۲ ، ص ۱۳۴ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۴ ، ص ۱۹۰ ،ح ۱۰۰۳ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۸ ، ص ۲۰ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۱۸ ؛ ح ۵۲۳۵ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵۵ ، ص ۲۹۰ ، ح ۶۹۹۸ ؛ لسان الميزان لابن حجر ، ج ۵ ، ص ۸۴ ، ح ۲۷۳ . تحف العقول ، ص ۴۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۴۸ ، ح ۶۸ .

7.. الف : ـ تعالى .

8.. «ألف» : الزموا .

9.. ب : ـ العمودين أي .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
322

و معنى الكلام و اللّه‏ُ أعلم: تعظيم المؤمنين، و عزّتهم /۵۱۶/ على اللّه‏ تعالى و مكانتهم عنده، و تعظيم أمر الزهد في الدنيا و أداء الفرائض الّتي افترضها اللّه‏ تعالى۱ على عباده.

و راويه: أنَس بن مالك.

۸۷۹.قوله تَبارَكَ اسمُهُ: يا مُوسَى، إنَّهُ لَم يَتَصَنَّعِ المُتَصَنِّعُونَ لي بِمِثلِ الزُّهدِ فِي الدُّنيا، وَ لَم يَتَقَرَّبْ إِلَيَّ المُتَقَرِّبُونَ بِمِثلِ الوَرَعِ عَمَّا حَرَّمتُ عَلَيهِم، وَ لَم يَتَعَبَّد لِيَ۲ المُتَعَبِّدونَ بِمِثلِ البُكاءِ مِن خِيفَتي.۳

«التصنُّع»: تكلُّفُ حُسن السيرة و السَّمت، و يقال: «تَصَنَّعَت المرأةُ» إذا تَكلَّفتْ في التزيُّن، و كأنّ معناه تكلُّفُ العبادة.

فيقول۴ عزّ و علا: ما تَكلَّفَ العبدُ عبادةً أفضلَ من الزهد في الدنيا، فارفضها ـ يا ابن آدم ـ و أنت المزيّن الظريف، فكأنّ ترك الدنيا أفضل العبادات النوافل.

ثمّ قال عزّ و علا۵: «و لم يتقرّب إليّ۶ المتقرّبون بمثل الورع عمّا حرّمت عليهم» ؛ و المعنى: أفضل التقرّب الورع عن المعاصي۷ و المحارم ؛ و المعنى: إذا تباعد من المحارم قَرُبَ مِن رحمتي، و صار لي وليّاً.

ثمّ قال عزّ و علا: «و لم يتعبّد المتعبّدون بمثل البكاء من خيفتي»، و البكاء غاية تضرّع العاجز۸، فكأنّه عَرْضُ العجز على اللّه‏ تعالى، و هو نهاية الخشوع و فرط الخضوع، و قد

1.. «ب» : ـ اللّه‏ تعالى .

2.. «ألف» : ـ لي .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۲۸ و ۳۲۹ ، ح ۱۴۵۸ ـ ۱۴۶۰ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۸ ، ص ۲۰۳ ؛ و ج ۶ ، ص ۲۹۶ ؛ المعجمالكبير ، ج ۱۲ ، ص ۹۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۷۲۳ ، ح ۸۵۷۸ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۱ ، ص ۱۱۲ . ثواب الأعمال ،ص ۱۷۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۳ ، ص ۳۴۹ ، ح ۳۷ و فيه عن ثواب الأعمال .

4.. «ب» : يقول .

5.. «ألف» : جلّ .

6.. «ألف» : ـ إليّ .

7.. «ألف» : التورّع عن المناهي .

8.. «ألف» : غاية التضرّع للعبد .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10881
صفحه از 465
پرینت  ارسال به