المؤمن يَكره الموتَ و أكره مَساءَته. يقول: لا اُريد أن يُساءَ في أمر من الاُمور على الإطلاق ؛ و لكن لا بدّ من قطع التكليف ليَصِحَّ وصولُ الثواب إليه، و يكون التردّد من باب قوله تعالى: «وَ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ»۱ أي: لو كانت حيّةً و مكلَّفةً.
يقول تبارك و تعالى: مَن أهان وليّاً من أوليائي و أحبّائي و عبادي المخلصين، فقد كشف وجهه لمحاربتي. و ذَكَرَ ـ عزّ وعلا ـ ذلك تعظيماً لإهانة أولياء اللّه.
و «المبارزة» من البروز و۲ الظهور، و هو أن يَتظاهرا و يتكاشفا في المحاربة.
«و ما تَردَّدتُ في شيء كتردُّدي في قبض روح العبد المؤمن»، و هذا تعظيم شأن العبد المؤمن، و المَجاز في كلام العرب مزيِّن لمخاطَباتهم حتّى إنَّه۳ لو خلا الكلامُ من المَجاز لَبَقِيَ مغسولاً، و إنّما الفصاحة في المَجاز.
ثمّ قال تعالى: «ما تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا»، يقول عزّ و علا: لم يتقرّب العبد إليّ، و لم يَقرب مِن رحمتي، بمثل الزهد في الدنيا و الرغبة عنها ؛ و ذلك أنّ فعل الدنيا و فعل الآخرة ضَرَّتان لا يجتمعان، فإذا زَهِدَ في الدنيا فقد رَغِبَ في الآخرة، و تَقَرَّب۴ من اللّه تعالى.
ثمّ قال عزّ و علا: «و لا تَعَبَّدَ لي بمثل أداء۵ ما افترضته عليه» ؛ يعني ـ و اللّه أعلم ـ تعظيمَ أمر الفرائض المفروضة و العبادات الموقَّتة، و لا شكّ أنّ ثواب الفرائض أعظم و أجلّ من ثواب النوافل و السنن.
و قال أمير المؤمنين عليهالسلام: لا نافلة لمن أضرّ بالفريضة.۶