321
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

المؤمن يَكره الموتَ و أكره مَساءَته. يقول: لا اُريد أن يُساءَ في أمر من الاُمور على الإطلاق ؛ و لكن لا بدّ من قطع التكليف ليَصِحَّ وصولُ الثواب إليه، و يكون التردّد من باب قوله تعالى: «وَ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّه‏ِ»۱ أي: لو كانت حيّةً و مكلَّفةً.

يقول تبارك و تعالى: مَن أهان وليّاً من أوليائي و أحبّائي و عبادي المخلصين، فقد كشف وجهه لمحاربتي. و ذَكَرَ ـ عزّ وعلا ـ ذلك تعظيماً لإهانة أولياء اللّه‏.

و «المبارزة» من البروز و۲ الظهور، و هو أن يَتظاهرا و يتكاشفا في المحاربة.

«و ما تَردَّدتُ في شيء كتردُّدي في قبض روح العبد المؤمن»، و هذا تعظيم شأن العبد المؤمن، و المَجاز في كلام العرب مزيِّن لمخاطَباتهم حتّى إنَّه۳ لو خلا الكلامُ من المَجاز لَبَقِيَ مغسولاً، و إنّما الفصاحة في المَجاز.

ثمّ قال تعالى: «ما تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا»، يقول عزّ و علا: لم يتقرّب العبد إليّ، و لم يَقرب مِن رحمتي، بمثل الزهد في الدنيا و الرغبة عنها ؛ و ذلك أنّ فعل الدنيا و فعل الآخرة ضَرَّتان لا يجتمعان، فإذا زَهِدَ في الدنيا فقد رَغِبَ في الآخرة، و تَقَرَّب۴ من اللّه‏ تعالى.

ثمّ قال عزّ و علا: «و لا تَعَبَّدَ لي بمثل أداء۵ ما افترضته عليه» ؛ يعني ـ و اللّه‏ أعلم ـ تعظيمَ أمر الفرائض المفروضة و العبادات الموقَّتة، و لا شكّ أنّ ثواب الفرائض أعظم و أجلّ من ثواب النوافل و السنن.

و قال أمير المؤمنين عليه‏السلام: لا نافلة لمن أضرّ بالفريضة.۶

1.. البقرة۲ : ۷۴ .

2.. «ألف» : ـ و .

3.. «ألف» : ـ أنّه .

4.. «ألف» : يقرب .

5.. «ألف» : ـ أداء .

6.. لم نعثر عليه ، نعم قال عليه‏السلام : «إذا أضرّت النوافل بالفرائض ، فارفضوها» . نهج البلاغة ، الحكمة ۲۷۹ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
320

و راويه: عبد اللّه‏ بن مسعودٍ الهُذَليُّ۱ رضى‏الله‏عنه.

۸۷۸.قوله عَلَتْ كَلِمَتُهُ: مَن أهانَ لي وَليّاً فَقَد بَارَزَني بِالمُحارَبَةِ، وَ ما رَدَدتُ في شَيءٍ أَنَا فاعِلُهُ مِثَل مَا رَدَدتُ في قَبضِ رُوحِ عَبدِيَ المُؤمِنِ، يَكرَهُ المَوتَ، و أَكرَهُ مَساءَتَهُ، وَ لا بُدَّ لَهُ مِنهُ، وَ ما تَقَرَّبَ إليَّ عَبدي المُؤمِنُ بِمِثلِ الزُّهُدِ في الدُّنيا، وَلا تَعَبَّدَ لي بِمِثلِ أَداءِ ما افتَرَضتُهُ۲ عَلَيهِ.۳

اشتقاق /۴۲۴/ الوليِّ من الوَلْي: القُرب، فإذا وُصف اللّه‏ تعالى به كقول يوسف عليه‏السلام: «أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَ الاْخِرَةِ»۴ فالمعنى قُربُ الرحمة، و إذا وُصف به الخَلق فالمعنى القرب مِن رضا اللّه‏ تعالى.

و قال ابن الأعرابي: الوليّ: التابع المُحِبُّ.۵

و قوله عزّ وجلّ: «ما رَدَدتُ في شيء أنا فاعله»، و رُوي: «تَردَّدتُ» و۶ هو أشهر، إلاّ أنّ في نسخة المسند: «رددت»، و كأنّه مِن رَدَّ ما يفعله عزّ وعلا ؛ أي: ما رَدَدتُ فعلي و أمري كردّي قبضَ روح عبدي.

فأمّا التردّد فهو التوقّف و التحيّر، و كلّ ذلك مَجاز، و التقدير: لو كنت ممّن يَردّ الأمر الذي يفعله أو يتوقّف في فعله و أمره، لكان ذلك الأمر و۷ الفعل رَدَّ قبض روح العبد

1.. «ألف» : الهدلي .

2.. «ألف» : ما افترضت .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۲۷ ، ح ۱۴۵۶ و ۱۴۵۷ ، المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۲۹۰ ، ح ۱۹ ؛ تاريخ مدينة دمشق ،ج ۷ ، ص ۹۵ ، ح ۴۷۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۱ ، ص ۲۲۹ ، ح ۱۱۵۶ ؛ ميزان الاعتدال للذهبي ، ج ۱ ، ص ۶۴۱ ، ح ۲۴۶۳ . الكافي ،ج ۲ ، ص ۲۴۶ ، ح ۶ مع اختلاف ؛ الدعوات للراوندي ، ص ۱۳۴ ، ح ۳۳۲ ؛ كتاب المؤمن للحسين بن سعيد ، ص ۳۶ ، ح ۸۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۱۵۶ .

4.. يوسف۱۲ : ۱۰۱ .

5.. نقله عنه في لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۱۱ ولي .

6.. «ألف» : ـ و .

7.. «ب» : ـ الأمر و .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11017
صفحه از 465
پرینت  ارسال به