319
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

تذيقكم حلاوتَها و نعيمها ؛ لأدَّخر۱ ذلك كُلَّه لكم۲ في دارٍ أبقى من هذه، و عُمُرٍ لا منتهى له، و دوامٍ لا آخِرَ له، يقول تعالى: لم أدَّخِر حلاوةَ الدنيا عنكم لهوانكم عليّ ؛ بل ذلك لإعزازكم و إكرامكم حتّى لا تتلطّخوا بأوساخ الدنيا، و تَرغبوا في حطامها، و تفتتنوا بحلاوتها الزائلة عن قليل ؛ و قد ادّخرتُ لكم ما لا عينٌ رأت، و لا اُذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر.

و معنى الكلام و اللّه‏ أعلم: الأمر بالصبر، و التسلية عن الصبر.۳

و راويه: عبد اللّه‏ بن مسعود رضى‏الله‏عنه.

۸۷۷.قوله جَلَّ ذِكرُه: يا دُنيا، اخدُمي مَن خَدَمَني، وَ أَتعِبي بِإِذني۴ مَن خَدَمَكِ.۵

هذا الكلام في غير سبيل الكلام الّذي قبله ؛ كأنّه تعزية للفقراء الصالحين عن الدنيا و نعيمها و لذّاتها و شهواتها، و تطييبٌ لقلوبهم، يقول: يا عبادي، لا يَحزُنكم ما أنتم فيه مِن الفاقة و الحاجة ؛ فإنّي أمرتُ الدنيا أن تَخدِمكم و تَدُرَّ۶ عليكم بقدر حاجتكم، فهي ـ و إن زَوَيتُها عنكم ـ كالخادمة لكم، لا تَضَنُّ عليكم بمقدار ما أنتم إليه محتاجون، و ما سوى ذلك فأنتم عنه مستغنون، و ادّخرت لكم نعيم الأبد، فهو لكم على الرصد.

و فحوى الكلام و اللّه‏ أعلم: إعلام الخلق أنّ مَن أطاعَ اللّه‏ ـ عزّ و جلّ ـ ساقَ إليه رزقه /۵۱۵/ من غير أن يتحرّى۷ في طلبه و يتعنّى بسببه.

1.. «ألف» : لأذخر .

2.«ألف» : ـ لكم .

3.. «ألف» : الضرورة .

4.. في «ب» يُقرأ : «بانياي» ؛ و لكن في بعض المصادر : «يا دنيا» و لم نر «بإذني» في مصدر . انظر : مسند الشهاب ، ج ۲ ،ص ۳۲۶ ، ح ۱۴۵۴ ؛ تذكرة الموضوعات ، ص ۱۷۵ ؛ الفتوحات المكية ، ج ۴ ، ص ۵۳۵ .

5.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۲۵ ، ح ۱۴۵۴ ؛ تاريخ بغداد ، ص ۴۴ ، ح ۴۱۰۰ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ۲۱ ، ص ۱۵۹ ؛ الموضوعات لابن الجوزي ، ج ۳ ، ص ۱۳۶ . كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۶۳ ؛ مكارم الأخلاق للطبرسي، ص ۴۳۹؛ عدّة الداعي ، ص ۱۰۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۵۴ ، ح ۳ فيه عن مكارم الأخلاق .

6.. «ألف» : تذرّ .

7.. «ألف» : يتحر .
و تحرَّيتُ الشيءَ قصدته ، و تحرَّيت في الأمر : طَلبتُ أحرى الأمرين و هو أولاهما . المصباح المنير ، ج ۲ ، ص ۱۳۳ حري .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
318

يقول تبارك و تعالى: الخَلق كُلُّهم عَبيدي، و لا أظلِمهم، فلا أرضى أن يَظلمهم غيري، و أنا شديد الانتقام ممّن ظلم عَبيدي۱ مَن لا يجد ناصراً غيري، فأنا أتوحّد بنصرته، و أنتقم مِن ظالمه، «وَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ»۲، و إذا ظُلم الضعيف كان اللّه‏ تعالى هو المتولّي للانتقام له ؛ لأنّه هو الّذي مكّنه من الظلم، فهو يَنتصر له إمّا عاجلاً و إمّا آجلاً ؛ فظُلْمُ۳ مَن لا ناصر له أعظم وقعاً، و أقبح صورةً، و أوخم مَغبّةً، و أشنع عاقبةً.

و معنى الكلام: النهي عن الظلم و خاصّةً عن ظلم الضعيف الّذي لا ناصر له.

و راويه: أمير المؤمنين عليه‏السلام.

۸۷۶.قوله عَزَّ وَجَلّ: يا دُنيا مَرِّي۴ عَلَى أَوليائي۵، وَ۶ لا تَحلَولي۷ لَهُم۸ فَتَفتَنِّيَهُم.۹

مَرَّ الشيءُ يَمَرُّ و أمَرَّ يُمِرُّ إذا صارَ۱۰ مُرّاً، و قد مَرَرْتَ ـ يا صَبِرُ۱۱ ـ تَمَرُّ مَرارةً، و قد قيل: مَرَّ يَمُرُّ على فَعَلَ يَفعُل، و الصحيح الأوّل.

هذا الكلام تصبير و تسلية للضعفاء مِن عِباد اللّه‏ الصالحين، كأنّ اللّه‏ تعالى يقول لهم: يا عبادي، لا تكترثوا من الفقر ؛ فإنّي أمرت الدنيا أن تَمرّ عليكم، و تستوحش منكم، و لا

1.. «ألف» : من غيري .

2.. آل عمران ۳ : ۴ ؛ المائدة (۵) : ۹۵ .

3.. «ألف» : و ظلم .

4.. «ألف» : + و قيل : أمرّي أصحّ .

5.. في تذكرة الموضوعات : + و أحبّائي .

6.. في المصادر : ـ و .

7.. في الموضوعات : لا تحليها .

8.. في التذكرة و الموضوعات : ـ لهم .

9.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۲۵ ، ح ۱۴۵۲ و ۱۴۵۳ ؛ تذكرة الموضوعات ، ص ۱۷۵ ؛ الموضوعات لابن الجوزي ، ج ۳ ، ص۱۳۶ .

10.. «ألف» : صاروا .

11.. الصَّبِر ـ بكسر الباء ـ : الدواء المُرُّ ، و لا تُسكَّن الباء منه إلاَّ في ضرورة الشعر ، و الخطابُ له هنا مِن باب المَجاز كما لا يخفى . عبد الستّار .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10974
صفحه از 465
پرینت  ارسال به