237
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

و مَن يَذُق الدنيا فإنّي طَعِمتُها

و سيقَ إلينا عَذبُها و عذابها

و ما هي إلاّ جيفةٌ مستحيلة

عليها كلابٌ هَمُّهنّ اجتذابُها۱

فإن تَجْتَنِبْها۲ كنتَ سلماً لأهلها۳و إن تجتذبها نازَعَتك كلابها۴

و قال بعض أهل العصر:

هَبَّتْ بِلَومٍ أن رأتْ بَعلَها

مُنْتبذاً للبيت يَستحلسُ

و ما دَرَتْ أنّ اختلاطي بهم

هو الّذي صيّرني أخنُسُ

أوحَشَني۵ كثرةُ اُنسي بهم

فَصِرتُ بالوحشة أستأنِسُ۶

فاسمع أيّها المسترشد و عِه۷ ؛ فلا ينبِّئُك مثلُ خبير۸، و قد آثرتُ هذه الخلّةَ الّتي أثنى عليها جدّي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، /۴۸۶/ فمِن نكدِهم و شؤمهم لم يُخلُّوني في بيتي، و ألجَؤوني إلى مضايقَ افتَعلوها حتّى اُحوِجتُ إلى كسر اعتكافي، ثمّ وفّقني اللّه‏ تعالى ؛ فعاودتُ زاويتي، و لزمتُ بيتي، و للّه‏ الحمد و المنّة.

و «الصَّومَعَةُ»: بناء كان النصارى يبنونه لرهبانهم، و شكله نصف قبّةٍ مَردومٍ۹ مقطعُها موجَّه بابها إلى المشرق من المقطع، و اشتقاقها من صَمَّعتُ الثريدةَ إذا دقَّقتَها۱۰ و رفعتَ

1.. «ب» : ـ و من يذق الدنيا . . . اجتذابها .

2.. «ألف» : تجتنها .

3.. في المصدر : «عشت سلما من أهلها» بدل «كنت سلما لأهلها» .

4.. العهود المحمديّة ، ص ۳۶۰ ؛ حياة الحيوان الكبرى ، ج ۱ ، ص ۴۱۱ ؛ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، ج ۲ ، ص ۱۰ ،وفي الكلِّ نسب إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي .

5.. «ألف» : «أخشين» بدل «أوحشني» .

6.. لم نعثر عليه .

7.. أمرٌ مِن «وَعَى يَعي» ، و أصله : عِ ، وإِنَّما ألحقوا به الهاءَ في الوقف تخلُّصا مِن الوقوف على المتحرِّك .

8.. قال اللّه‏ تعالى : «وَ لاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ» . فاطر ۳۵ : ۱۴ .

9.. أي : مسدود ، و رَدَمَ البابَ و الثلمة و نحوهما يَردِمه رَدْما : سَدَّه . انظر : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۲۳۶ ردم .

10.. «ألف» : دفقتها .
و الصومعة : منار الراهب ، و الصومعة من البناء سُمِّيتْ صَومعةً لتلطيف أعلاها . و صَومَعَ بناءَه : عَلاَّه ، و يقال : أتانا بثريدة مصمَّعة إذا دُقِّقت و حُدّد رأسها و رُفعت ، و صَومَعة النصارى من هذا ؛ لأنّها دقيقة الرأس . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۲۰۶ صمع .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
236

و راوي الحديث: جابر بن عبد اللّه‏ الأنصاري. و تمام الحديث: نِعمَ الإدامُ الخَلُّ، و كفى بالمرءِ شَرّاً أن يَتسخَّطَ بما قُرِّبَ إليه.

۸۱۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: نِعْمَ صَومَعَةُ المُسلِمِ بَيتُهُ.۱

قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ذلك لأنّ الإنسان إذا جلس في بيته مُقبِلاً على شأنه، متوفِّراً على صلاته و قرآنه، و لم يَدخل على الظَّلَمة فيخاطبهم بالمولى و وليّ النعم، و مولاه و وليّ نعمه هو اللّه‏ تعالى، و كفى الناسَ شرَّه، و لم يخالطهم و لم يجادلهم بالحقّ و الباطل، و لم يقل و لم يسمع، كان أقرَبَ من رحمة اللّه‏ تعالى، و أخَفَّ بحسابه، و أرجح لميزانه، و أدنى إلى أن لا يتعرّضوا له بالسوء، و قد جرت عادة أهل الدنيا بذلك، و أنّه مَن ترك عليهم دنياهم لم يتعرّضوا له /۴۰۹/ و تركوا له دينه عليه موفوراً، و نِعمَتِ التجارة هذه ؛ لكنَّ الشأن فيمن يفعلها و يؤثرها و يطيقها، و من انزوى في بيته فإنّه يستغني عن مقاساة رؤية مَن رؤيته حُمّى الروح! و ما أحسَنَ ما قال رهينُ المَحبَسَين۲:

أبا العلا ابنَ سُلَيمانا

إنّ العَمى أَولاكَ إحسانا

لو كنتَ قد أبصرتَ۳ هذا الوَرى

لم يَرَ إنسانُكَ إنسانا۴

و ما أحسَنَ ما قال المرغيناني هو نصر بن الحسين المرغيناني۵:

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۶۲ ، ح ۱۳۲۲ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۸ ، ص ۱۶۹ ، ح ۱۶ ؛ الاستذكار ، ج ۸ ، ص ۵۰۱ ؛التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۱۷ ، ص ۴۴۲ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۷۷۳ ، ح ۷۸۱۸ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۲۸ ، ح ۹۸ و فيه عنأبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۳۵۴ ، ح ۲۰۷۲۱ (و فيه عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام) ؛ و عنه في بحار الأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۲۲۵ ، ح ۹۵ .

2.. هو أبو العلاء المعرّي ، يخاطب في البيتين نفسه . راجع : لسان الميزان ، ج ۷ ، ص ۸۳ ، الرقم ۸۲۴ .

3.. في المصدرين : لو أبصرتْ عيناك .

4.. معجم الاُدباء ، ج ۱ ، ص ۳۰۶ ؛ لسان الميزان ، ج ۷ ، ص ۸۳ ، الرقم ۸۲۴ .

5.. أبو الحسن أو الحسين نصر بن الحسين المرغيناني من مشاهير الأئمّة و العلماء ، و كان له شعر مليح لطيف في الزهد والحكمة في القرن الخامس ، و له المحاسن في النظم و النثر ـ المطبوع ـ . راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ۵ ، ص ۲۶۰ ؛ دمية القصر و عصرة أهل العصر للباخزري ، ج ۱ ، ص ۶۶۶ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10969
صفحه از 465
پرینت  ارسال به