125
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

تفعلون بها؟ /۴۴۵/ أ تفعلون بها عن أوامره و نواهيه، أم تعتصمون بعروة اللّه‏ الوثقى غير معتدين بها؟ و ليس الغرض أنّه يَبتليكم ليَعلم ما لم يَعلم ؛ فإنّه قد عَلِمَ كلّ ذلك فيما لم يزل، بل المعنى أنّه رأى ما تصنعون فيجازيكم عليه.

و قال تعالى: «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ»۱ أي يرى ما يكون منكم فيجازيكم على ما يحصل منكم، و لو قيل: إنّ معناه: فمنظر كيف تعملون۲ خيرا أو شرّا؟ لجاز، و يكون نَظَرَ بمعنى انتظر، و هذا تهديد.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ اللّه‏ تعالى خَلَقَ الدنيا طيّبةً حلوةً ناعمةً، و استخلفكم بعدَ الذاهبين، و أمَرَكم و نهاكم، و هو على الرصد لما تفعلون، فإن فعلتم خيرا كان لكم، و إن فعلتم شرّا كان عليكم.

و روي عن حكيم بن حِزامٍ قال: سألت رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فأعطاني، ثمّ سألتُه فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني، ثمّ قال: يا حكيم، إنّ هذا المال حلوة خضرة۳، فمَن أخذه بسخاوةِ نفسٍ بورك۴فيه، و من أخذه بإشراف۵ نفس لم يبارِك اللّه‏۶ فيه، و كان كالّذي يَأكل و لا يَشبع، و۷ اليد العليا خير من اليد السفلى. قال۸ حكيم: فقلتُ: يا رسول اللّه‏، و الذي بَعَثَك بالحقّ لا أرزَاُ۹ أحدا بعدك شيئا حتّى اُفارق۱۰ الدنيا.

1.. الأعراف ۷ : ۱۲۹ .

2.. «ب» : ـ و لو قيل إنّ معناه فمنظر تعلمون .

3.. في المصادر : خضرة حلوة .

4.. في المصادر: + له.

5.. «ألف» : بإسراف .

6.. في المصادر : «له» بدل «اللّه‏» .

7.. في صحيح البخاري : ـ و .

8.. في صحيح البخاري و سنن الترمذي : فقال .

9.. «ألف» : أزرأ .
و رَزَأَه يَرزؤُه رُزءا و مَرزئةً : أصاب منه خيرا ما كان . لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۵ رزأ .

10.. «ب» : فارق .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
124

المسالمة و الموادعة، و حَسّن كلامَه و نقّاه من الفحش و الغَثاثة۱ و الوقوع في الأعراض، كان ذلك له من موجبات المغفرة و الرحمة، و ما أرخَصَ۲ المغفرةَ بهذه المعاملة السهلة، الخفيفةِ المَحمِل، القريبة المأخذ، الهنيئة المتناول ؛ و قد تقدّم الكلام في السلام و إفشائه.

و فائدة الحديث: الأمر بإفشاء السلام و تطيّب الكلام، و إعلام أنّ ذلك موجب لمغفرة اللّه‏ تعالى.

و راوي الحديث: المِقدام بن شُريح، عن أبيه، عن جدّه، قال: قلت: يا رسول اللّه‏، أيُّ عمل يُدخِلني الجنّةَ؟ فقال عليه‏السلام ذلك.

۷۱۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ الدُّنيا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ، وَ إِنَّ اللّه‏َ مُستَخلِفُكُم فيها فَناظِرٌ كَيفَ تَعمَلُونَ؟۳

«خَضِرة» أي غَضَّة۴ ناضرة۵ طريّة، و أصله من خُضْرَة الشجر و البقل، و كلّ غَضٍّ طريٍّ فهو خَضِرٌ، و يقال: هو لك خَضِرا مَضِرا ؛ أي سَهلاً عَفوا بغير ثمن. و «مَضِرا» إتباع، و يقال: خِضْرا مِضْرا. و قال الكسائي: بَضِرا.۶ و «مستخلِفكم»: جاعِلكم خُلَفاءَ۷ لِمن قَبلكم، و الخليفة: النائب عن غيره، و منه الخليفة الّذي إليه الحكم الكلّي.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إنّ الدنيا حلوة طيّبة ناعمة، و اللّه‏ تعالى مسلِّمها منكم، ثمّ ينظر إليكم كيف

1.. الغَثُّ : الرديء من كلّ شيء ، و غَثَّ يَغِثُّ و يَغَثُّ غَثاثةً و غُثوثةً ، و غَثَّت الشاة : هَزِلَت . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۷۱ غثث .

2.. «ب» : أدحض .
و الرَّخْص و الرخيص : الشيء الناعم الليِّن ، و الرُّخْص : ضد الغلاء ، رَخُص السِّعرُ ، فهو رخيص . انظر : لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۴۰ رخص .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۸۱ و ۱۸۲ ، ح ۱۱۴۱ ـ ۱۱۴۴ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۸۹ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ،ص ۵۰۵ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۳ ، ص ۳۶۹ ؛ مسند ابن الجعد ، ص ۲۳۶ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۲ ، ص ۳۵۲ .

4.. الغضّ : الطريّ ، و كذا الغضيض . لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۱۹۶ غضض .

5.. «ألف» : ناظرة .

6.. نقل عنه الجوهري في الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۱۸ ، ذيل مادّة «مضر» .

7.. «ألف» : خَلَفا .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10952
صفحه از 465
پرینت  ارسال به