119
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

قال: هي زلّة عالم. و إنّما قال عليه‏السلام: «زَلَّة عالم» لأنّ الناس ينظرون إليه و يَقتبسون۱ منه و يتابعون أقوالَه و أفعالَه فيَقتدون به، و لذلك قال: زلّة العالِم۲ غرقُ السفينة۳. لأنّه إذا۴ زلّ زلّ عالَمٌ مِن أتباعه و معارفه ؛ و بنو آدمَ مساكين يَقبَلون ما يَرَون، و يَتَّبعون ما يَألِفون۵. و إنّما قال: «حُكم جائر» و هو ذو الجور لأنّ الحاكم إذا جار فإلى من يُفزَع ليت شعري؟! لأنّ الحكومات تَنساق إليه ؛ فإذا جار فيها أو مالَ أو صغا۶، هلك الناس، و جعلوه ذريعةً إلى هدم الشريعة.

و أمّا «الهَوَى المتَّبَع» فإنّه الّذي يُضِلّ الناسَ ؛ و ذلك لأنّ الإنسان كأنّه قريبٌ مِن الاضطرار إلى اتّباع طريقة أبيه و اُمّه و انتحالِ۷ عقيدة أهل بلدته و محلّته و معلّمه، خيرا كانت تلك العقيدة أو شرّا ؛ و هذا داء لا دواء له، و مرض لا شفاء منه! و مِن ذلك تَنتج۸ الآراءُ و الأهواء و البدع و الضلالات ؛ أعاذنا اللّه‏ منها، و هدانا بفضله و رحمته إلى الطريق القويم، و ثبّتنا۹ عليه بفضله العميم ؛ إنّه وليّ ذلك.

و فائدة الحديث: تحذير الناس من اتّباع العالِم الزالّ، و تحذيره من الزلّة، و تحذيرهم من اتّباع الحكم بغير الحقّ، و تحذير الحاكم من الجور، و تحذير الجميع من الهوى الّذي يَهوي بصاحبه في النار.

و راوي الحديث: كثير بن عبد اللّه‏، عن أبيه، عن جدّه.

1.. «ألف» : يقبلون .

2.. «ألف» : عالم .

3.. غرر الحكم و درر الكلم ، ص ۳۹۲ ، ح ۳۰ ؛ قوت القلوب ، ج ۱ ، ص ۳۲۵ ؛ أدب الدنيا و الدين ، ص ۴۱ .

4.. «ألف» : إن .

5.. «ألف» : و يبتغون ما يلقون .

6.. صَغا إليه يَصغى و يَصغو : مالَ ، و كذلك : صَغِيَ يَصغى . انظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۶۱ صغو .

7.. «ألف» : ـ انتحال .

8.. «ب» : تنتتج .

9.. في «ألف» كلمة غير مقروء .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
118

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۷۱۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ أَشقَى الأَشقياءِ مَنِ اجتَمَعَ عَلَيهِ فَقرُ الدُّنيا وَ عَذابُ الآخِرَةِ.۱

«الشَّقاوة»: ضدّ السعادة، يقول عليه‏السلام: أشقى الأشقياء الفقيرُ الظالم ؛ فشَقاوتُه في الدنيا ضُرُّه۲ /۴۴۲/ و بؤسُه و فاقته و فقره، و شقاوته في الآخرة عذاب النار، فكأنّه يوصِّي الفقيرَ بحُسنِ احتمالِ الفقر و الصبر عليه و الطاعة ؛ فإنّ رُقعةَ۳ عمر الدنيا قريبةٌ تَنقضي سريعا، و ضُرَّ الآخرة و۴ شقاوتَها لا آخِر لهما.

و على الجملة احتمال المنتهي أهوَنُ و أسهَلُ ممّا لا يَنتهي.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الّذي تَجتمع له الخَلَّتان مِن أشقى عِباد اللّه‏، و أمرُ الفقير بأن۵ لا يَجزَعَ مِن فقره و لا يَتصوّر۶ ؛ فكأنّ قد انقطع ضُرُّه و فَقره إلى النعيم السرمد و الثواب المخلَّد.

و راوي الحديث: أبو سعيدٍ الخُدريُّ.

۷۱۳.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنِّي أَخافُ عَلَى اُمَّتي أَعمالاً ثَلاثَةً: زَلَّةُ عالمٍ، وَحُكمُ جائرٍ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ.۷

قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: «زلّة عالم» كلامٌ مستأنَف، /۳۸۷/ كأنّه قال عليه‏السلام: أخاف على اُمّتي أعمالاً ثلاثةً، ثمّ

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۷۳ ، ح ۱۱۲۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۳۲۲ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۷ ، ص ۱۳ ؛مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۶۷ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۹ ، ص ۱۰۹ ؛ مسند الشاميّين ، ج ۲ ، ص ۴۲۱ ، ح ۱۶۱۵ .

2.. الضَّرّ و الضُّرّ لغتان : ضدّ النفع . و الضَّرّ المصدر ، و الضُّرّ الاسم . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۸۲ ضرر .

3.. الرُّقعة : ما رُقع به ، و جمعها رُقَع و رِقاع . و الرقعة : واحدة الرقاع الّتي تكتب . و الرقعة : الخرقة . و الرقعة : قطعة من الأرض تلتزق باُخرى . انظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۳۱ رقع .

4.. «ألف» : ـ و .

5.. «ألف» : أن .

6.. هكذا العبارة في المخطوطتين .

7.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۷۴ ، ح ۱۱۲۷ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۴ ، ص ۱۷ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱ ، ص ۱۸۷ ؛ العهود المحمّديّةللشعراني ، ص ۷۸۷ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10982
صفحه از 465
پرینت  ارسال به