109
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: جَعَلَ اللّه‏ تعالى الاستراحةَ و الفَرَجَ في عِلم العبد بأنّ ربّه عَدلٌ منصِف لا يَجور و لا يَحيف، و إذا كان كذلك كان أعلم بالعبد منه بنفسه، و وجب عليه الرضى بما يفعله و يقضيه و يقدّره عليه و يبتليه به، و جعل همّه و حزنه و كآبته في شكّه بربّه و بمعدلته و إنصافه، و في أن لا يَرضى بمقدوره و ما يقضيه عليه، و كلّ ذلك منه بقسطه و عدله، فهو أعدَلُ العادلين و أعلم العالمين ؛ و ذلك أنّ الرَّوح و الراحة في مقابلة الرضى و التسليم عدل منه، و كذلك۱ الهمّ و الحزن في مقابلة سخطه المقدورَ ؛ لأنّ كُلاًّ منهما۲ يقتضي ذلك، و العبد إذا أصابه بعضُ ما يَكرَه مِن الآلام و الأسقام و الفقر و غير ذلك ممّا يَكره فعلم أنّه مِن فعل۳ اللّه‏ الحكيم، فرَضِيَ و سَلّم ؛ علما بأنّه مِن فعل مَن لا يَظلم و لا يجور، كان أشرَحَ لصدره، و أفسَحَ لعَطَنه۴، و أقرب إلى رضى ربّه ؛ و إذا سخط ذلك، و لم يرض به، و شكّ في أنّه مِن فعل الحكيم، كان أزيَدَ في حزنه و همّه، و أجلَبَ لكآبته و ضيق صدره، فالواجب على العبد التسليم لما يأتي و يذر.

و فائدة الحديث: الأمر بالرضا للقضاء و الإيقان بحكمة۵ اللّه‏ تعالى، و النهي عن سخط فعل اللّه‏ تعالى به، و قد قال الشاعر:

رُبّ أمر تَتَّقيه

فيه أمر تَرتجيه

ظَهَرَ المكروهُ منه

و اختَبى المحبوبُ فيه۶

1.. «ألف» : و هو كذلك و .

2.. «ألف» : لأنَّ كلامنا .

3.. «ب» : قيل .

4.. العَطَن للإبل : كالوطن للناس ، و قد غلب على مَبركها حول الحوض ، و المَعطَن كذلك . و رجُلٌ رَحبُ العَطَن و واسع العطن أي رحبُ الذراع كثير المال واسع الرحل . و العَطَن : العِرض ، و عَطَنُه : منزله و ناحيته . انظر : لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۲۸۷ عطن .

5.. «ب» : لحكمة .

6.. الشعر لأبي سعيد الضرير . و الشعر في المصادر هكذا :ربّ أمر تتّقيه جرّ أمرا ترتضيهخفي المحبوب منه و بدا المكروه فيه راجع : تفسير الثعلبي ، ج ۲ ، ص ۱۳۸ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۳ ، ص ۳۹ ؛ البحر المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۳ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
108

و قوله عليه‏السلام: «ما لم تكلَّم أو تعمل به» يجوز أن يكون عليه‏السلام تكلّم بالكلمتين، و۱ يجوز أن يكون شكّا من الراوي، فلا يدري أ قال عليه‏السلام: «ما لم تكلّم به» أو قال: «ما لم تعمل به»، و كلاهما حسن.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الخواطر لا يؤاخَذ بها ؛ لأنّها كالأفعال الّتي لا يقصدها.

و راوي الحديث: أبو هريرة.

۷۰۴.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ اللّه‏َ بِقِسطِهِ وَعَدلِهِ جَعَلَ الرَّوحَ وَ الفَرَجَ في اليَقينِ وَ الرِّضا، وَ جَعَلَ الهَمَّ وَ الحُزنَ في الشَّكِّ وَ السَّخَطِ.۲

[«الشَّكّ» هنا] شَكُّ في الفرج و الفرح۳. «القسط»: العدل و الإنصاف، و هو اسم مِن أقسَطَ ؛ قال اللّه‏ تعالى: «إِنَّ اللّه‏َ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»۴، و القسط: النصيب الّذي يصيبك بالعدل، و القُسوط: الجور، و قد قَسَطَ فهو قاسط، قال تعالى: «وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبا»۵، و كان الهمزة في أقسَطَ للسلب مثل أشكى إذا أراد۶ الشكاية.

و «الرَّوح» هو الراحة، يقال: استراح الرجُلُ من الكدّ.

و «الفَرَج»: انكشاف الغمّ، و قد فَرَّج اللّه‏ُ عنك. و «اليقين»: العِلم القطعي.

و «الهمّ»: الغمّ المذيب للقلب. و «الحزن»: الغمّ الّذي يخشِّن الصدر.

و «الشكّ»: اعتدال النقيضين، و هو خلاف اليقين من غير ترجيح.

و «السَّخَط»: الغضب الشديد، و يكون خلاف الرضى، و هو الّذي /۴۳۸/ في الحديث.

1.. «ب» : ـ يجوز أن يكون عليه‏السلام تكلّم بالكلمتين و .

2.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۶۸ ، ح ۱۱۱۶ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۴ ، ص ۷۱ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۰ ، ص ۲۱۶ ، ح ۱۰۵۱۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۱۶۰ ، ح ۵۹۶۱ . و راجع : الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، ح ۲ ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۷ .

3.. «ألف» : في الفرح و الفرج .

4.. المائدة ۵ : ۴۲ .

5.. الجنّ ۷۲ : ۱۵ .

6.. «ألف» : زال .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11002
صفحه از 465
پرینت  ارسال به