101
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث

للنعمة في مصبّها۱، قارّا لها في قرارها، فإنّها تنطق بلسان الشكر، و النعمةُ نَطوقٌ، و لسانُ المنعَم عليه إلى الشكر سَبوقٌ.

قال الشاعر:

و كم لك عندي مِن نَوالٍ اُذيعُه

بشُكرك في الدنيا و أنت تُساتِره

و كم نائلٍ أولَيتنيه مُهِنِّئا۲

فلا أنا ناسيه و لا أنت ذاكرُه۳

و روي أنّ أعرابيا جاء إلى النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله و عليه ثيابٌ رَثّةٌ۴، فجعل عليه‏السلام يصعِّد النظرَ فيه و يصوِّبه، ثمّ قال: أ لك مال؟ قال: نعم. قال۵ عليه‏السلام: إذا أنعم اللّه‏ على عبد...۶ الحديث.

و روي: أنّ عِمران بن حُصَين۷ خرج عليهم و عليه مُقطَّعة خَزٍّ لم يُرَ مثلُها عليه، فقيل له في ذلك؟! فقال: إنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال: إذا أنعَمَ اللّه‏ على عبد نعمةً، أحبّ أن يُرى أثر نعمته عليه.۸

و مَرَّ أيّوبُ السَّختيانيُّ برجل قد بنى بناءً عظيما و كان له جليسا، فقال: ما هذا؟ فقال: أحببتُ أن يمُرَّ المارُّ بعدنا فيَعلم أن قد كان للّه‏ تعالى علينا نعمةٌ! فسكت أيّوب.۹

و فائدة الحديث: الأمر بإظهار ما يخُصّ اللّه‏ تعالى العبدَ به من نعمة، و النهيُ عن كتمانها

1.. «ألف» : مصابّها .

2.. يقرأ في «ألف» : «مهينا» ، و في «ب» : مهناءً .

3.. لم نعثر عليه .

4.. الرَّثُّ و الرِّثَّة و الرَّثيث : الخَلَق الخَسيس البالي من كلّ شيء . تقول : ثوبٌ رَثٌّ ، و حبل رَثٌّ الهيئة في لُبسه ، و أكثر ما يُستعمل فيما يُلبَس . لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۱۵۱ رثث .

5.. «ألف» : فقال .

6.. لم نعثر عليه ، نعم روي ما يقرب من هذا في مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۴۷۴ .

7.. عمران بن حُصين بن عبيدٍ الخُزاعيُّ مِن الصحابة ، أسلم عام خيبر سنة ۷ هـ و معه رايةُ خُزاعةَ يوم فتح مكَّة ، و هو ممَّن اعتزل حربَ صفِّين ، و تُوفِّي سنة ۵۲ هـ . راجع : تهذيب التهذيب ، ج ۸ ، ص ۱۲۵ .

8.. معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ، ص ۱۶۱ ؛ مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۶۲ ، ح ۱۱۰۲ .

9.. لم نعثر عليه .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
100

و روي: أنّ يحيى بن زكريّا عليه‏السلام سأل إبليسَ فقال: أيّةَ ساعةٍ أنت أقدَرُ على ابن آدم؟ فقال: حين يَمتلئ شِبَعا و رِيّا. فقال: فهل وَجَدتَ على نفسي شيئا؟ قال: لا. قال: على حال؟ قال: نعم، قُدِّمَ إليك طعامُك ذاتَ ليلة و كنتَ صائما، فتشهّيتَ طعامَك فأكلتَ أكثر من عادتك، فتثاقلتَ عن وِردك و عبادتك. قال يحيى عليه‏السلام: لا أشبَع بعد هذا أبدا. قال إبليس: و أنا لا أنصح بعد هذا أحدا.۱

و فائدة الحديث: إعلام أنّ اللّه‏ تعالى شكور يَرضى من العبد بهذا القدر، أو يرضى۲ هذا القدرَ من العبد و يشكره.

و راوي الحديث: أنس بن مالك رضى‏الله‏عنه.

۶۹۷.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إِنَّ اللّه‏َ إذَا أَنعَمَ عَلَى عَبدِهِ نِعمَةً أَحَبَّ أَنْ تُرَى عَلَيهِ.۳

ذلك لمكان أنّ إظهار نعمة اللّه‏ تعالى شكرٌ منه ؛ و كأنّ تلك النعمةَ ـ إذا أظهرها ـ ناطقةٌ بالشكر و الذكر و إن لم يَنطِق صاحبُها.

و قال الفرزدق۴ في ذلك:

فعاجوا فأثنَوا بالذي أنت أهله

و لو سكتوا أثنتْ عليك الحقائب۵

و كذلك۶ إذا كان مواسيا للإخوان، مراعيا للجيران، متتبّعا أهل الاستحقاق، صابّا

1.. لم نعثر عليه بعين الألفاظ إلاّ في روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط ، نعم روي ما يقرب من هذا . راجع :مسند ابن الجعد ، ص ۲۱۰ ؛ المحاسن ، ج ۲ ، ص ۴۴۰ ، ح ۲۹۷ .

2.. «ألف» : أ فيرضى .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۶۱ و ۱۶۲ ، ح ۱۱۰۰ - ۱۱۰۲ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۴۷۴ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۸ ،ص ۱۳۵ ؛ التمهيد ، ج ۲۴ ، ص ۳۷ . الأمالي للطوسي ، ص ۲۷۵ ، ح ۶۴ ؛ مكارم الأخلاق للطوسي ، ص ۴۱ .

4.. بل نقل عن نصيب الشاعر أنشده بمحضر الفرزدق .

5.. إعجاز القرآن ، ص ۷۷ ؛ الأمالي للسيّد المرتضى قدس‏سره ، ج ۱ ، ص ۴۴ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۵۱ ، ذيل مادّة «حدث» ؛ الوافيبالوفيات ، ج ۲۷ ، ص ۶۰ .

6.. «ب» : و لذلك .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10993
صفحه از 465
پرینت  ارسال به