يَمضيَ ثُلثُ الليلِ و يطلعَ و يقول: يا طالبَ الخير هَلُمَّ، و يا باغي الشرّ أقصِرْ، خوّفناكم فلم تخافوا، و شوّقناكم فلم تشتاقوا، و حذّرناكم فلم تحذروا! هكذا يقول حتّى يَمضي ثلثٌ آخر و يطلُع اُخرى و يقول: لو لا مشايخُ رُكَّعٌ، و فِتيانٌ خُشَّعٌ، و صِبيان رُضّع، و بهائم رُتّع، لصببنا عليكم العذاب صبّا.۱
و روي: أنّ جماعةً كانوا يَتنادمون۲ بالبصرة، و يجتمعون كلّ يوم، فتَخلّف ذاتَ يوم أحدُهم فطلبوه۳، فقال: اعلموا أنّي نظرت في زائجتي۴ البارحةَ فإذا بسِنّي و قد صارت أربعين! و أنشد:
يا رَبَّةَ الخِدْرِ۵ إنّي عنك في شُغُل
فحاولي للصِّبى غيري و للغَزل۶
في الأربعين إذا ما عاشها رجُلٌ
ما أوضَحَ العُذرَ و المنهاجَ للرجُل
و ودّعهم و انصرف.۷
و قال الشاعر:
إذا المرءُ جاز الأربَعين فَقُلْ لَهُ
بلغتَ مَدى الشُّبّانِ وَيحَكَ فاحْذَرِ
فإنّك۸ لا تدري متى أنتَ وارِدٌ
جَبا مَنهَلٍ جَمِّ۹ الشريعةِ أكدَرِ۱۰
و فائدة الحديث: إعلام أنّ ابن ستّين لا عذر له إن قَصَّرَ في حقّ نفسه.
و راوي الحديث: سهل بن سعد.
۳۰۲.قوله صلىاللهعليهوآله: مَن أَصبَحَ لا يَنوي ظُلمَ أَحَدٍ، غُفِرَ لَهُ مَا جَنَى.۱۱
لمّا كان الظلم عامّا في بني آدم لا يخلو منه إلاّ مَن جاهد نفسَه و قَمَعَها و تَأَدَّبَ بأدب اللّه تعالى، قال صلىاللهعليهوآله ذلك. و ما أحسَنَ ما قال العَصَريّ۱۲ هو المتنبّي:
و الظلم في۱۳ خلق النفوس فإن تجِدْ
ذا عِفّةٍ فَلِعلّةٍ لا۱۴ يَظلم۱۵
فيقول صلىاللهعليهوآله: مَن عفّ و كفّ نفسه عن أن يتعدّى منه جورٌ إلى غيره غفر اللّه تعالى له، و للنيّات /۲۱۵/ تأثير قويٌّ في الأفعال، كيف و لا يقع على وجه إلاّ بالإرادة المصاحَبة له، و النيّة إرادة مخصوصة.
و عن النبيّ صلىاللهعليهوآله: أفضل الجهاد مَن أصبح لا ينوي ظلم أحد.۱۶
1.. مستدرك الوسائل ، ج ۶ ، ص ۷۵ ، ح ۶۴۷۴ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۶ ، ص ۱۷۷ ، ح ۴۸۲۹ .
2.. نادَمَه على الشَّراب منادمةً و نِداما ، و تنادموا عليه فهو نديمه و نَدمانه : تَجالسوا على الشراب . انظر : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۴۰ ؛ أساس البلاغة ، ص ۶۲۶ ؛ لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۷۲ ندم ؛ معجم الأفعال المتداولة ، ص ۷۳۸ (تنادما) .
3.. «ألف» : فطلبوا .
4.. هكذا في المخطوطتين .
و زائجة : صورة مربَّعة أو مدوّرة تُعمل لموضع الكواكب في الفلك في حكم المولد ، و يعلم منه أحوال البروج و السنوات و المولود . انظر : تاج العروس ، ج ۳ ، ص ۳۹۶ زوج ؛ فرهنگ معين (زايجه) .
5.. «ألف» : يا ربَّه انحدر .
6.«ألف» : العزل .
7.. اُنظر : الأمالي الخميسية للشجري ، ج ۲ ، ص ۳۳۸ .
8.«ب» : و إنّك .
9.. «ألف» : «حم» . و في هامش «ب» : أي جمّ واردي الشريعة و الأحسن أي غزير الشريعة كثيرها . الجَبا ـ مقصور مفتوح الجيم ـ ما حول البئر .
10.. اُنظر : غريب الحديث للخطابي ، ص ۲۵۶ ؛ البيان و التبيين للجاحظ ، ج ۳ ، ص ۲۴۸ نسب فيهما إلى ابن أبي الدنيا .
11.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۶۳ ، ح ۴۲۵ ؛ فتح الوهّاب ، ج ۱ ، ص ۱۵۸ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۴ ، ص ۹۴ ؛ فيض القدير ، ج ۶ ،ص ۸۷ ، ح ۸۴۵۱ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۲۲ ، ح ۷ ؛ جامع السعادات ، ج ۲ ، ص ۱۷۲ و في الأخيرين مع اختلاف يسير عن الإمام الصادق عليهالسلام .
12.. بَنو عَصَر ـ محرَّكة ـ : قبيلة من عبد القيس بن أفصى ، منهم مرجوم العصَري . تاج العروس ، ج ۷ ، ص ۲۳۴ عصر .
13.. «ألف» : من .
14.. «ألف» : ما .
15.. اُنظر : التمثيل و المحاضرة ، ص ۲۶۳ ؛ التذكرة الحمدونية ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ .
16.. الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۵۳ ، ح ۵۷۶۲ ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۹۲ ، ح ۴۴۹ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۳۳ .