الدَّلْجة۱] معا۲، و ادَّلَجَ: إذا سار من آخره.
و هذا مَثَلٌ ضربه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله، فيقول: مَن خاف أمرا، تَأَهَّبَ له و استعدّ و تشمّر لدفعه مُجدّا كمن خاف۳ عدوّا، أو جَنَّ عليه الليل ؛ فإنّه لا يتربّص السَّحَرَ أو الصبح كما يفعله المجتاز، بل يَتّخذ الليل جَمَلاً فيَركبه و يهرب و لا يفكّر في سواد الليل و فوت النوم، كذلك مَن يَخاف الآخرة و أهوالها يجب عليه أن يبادر إلى علاجها كأسرع ما يمكن، و لا يترك العبادات الواجبة عليه متربّصا الشيبَ و مخمِّنا۴ أنّه إذا شاب انقطع إلى العبادات۵، و انملس۶ من بين الناس، و توحّش مقبلاً على اللّه عزّ و جلّ ؛ فإنّه ربما يُقطَع الطريقُ عليه فلا يَصل إلى الشيب، و هَبْه وَصَل ؛ مِن أين له في المشيب القوّة على العبادة و الاستقلال بها؟! و ما أكثَر ما يَغرّ الشيطانُ الناس في هذه المسألة! و هي إحدى مصائده۷، و كُلٌّ إذا راجع نفْسَه وجد مصداق ذلك، فاللّهَ اللّهَ أيّها الأخ الصالح، لا تشرب شربة غروره۸ ؛ فكم قد أهلك قبلك، فإيّاك و إيّاه!
و فائدة الحديث: الأمر بالاستعداد لما بعد الموت، و المبادرة إليه، و ترك التهاون فيه.
و راوي الحديث: أبو هريرة.
۲۹۴.قوله صلىاللهعليهوآله: مَن يَشتَهِ كَرامَةَ الآخِرَةِ يَدَعْ زِينَةَ الدُّنيا.۹
يقول صلىاللهعليهوآله: مَن رغب في كرامة الآخرة، و النعيم الأبدي الّذي لا انقضاء له و لا انقطاع، و
1.. أصفناه من لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۲۷۲ دلج .
2.. «ب» : ـ معا .
3.«ب» : يخاف .
4.. «ألف» : محمنا . «ب» : + و مخمّنا .
5.«ألف» : العبادة .
6.. انملس و تَملَّسَ من الأمر : أفلت و تخلّص . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۲۲۳ ؛ المنجد في اللغة ، ص ۷۷۳ ملس .
7.. «ألف» : مسائده .
8.«ألف» : غرور .
9.. مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۵۱ ، ح ۴۰۷ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۵ ، ص ۹۳۸ ، ح ۴۳۶۱۱ ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۵ ، ص ۴۸۷ .