و اللّهُ تعالى أعلم بعباده، فلو علم أنّه ينبغي أن يَكتب عليهم أكثر ممّا كتب لَفَعل، و يَدخل تحت ذلك عَزْفُ النفس عن أكل الأطعمة اللذيذة و لُبس الثياب الليِّنة، و كلّ ذلك جائز حسن ؛ قال تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ»۱؟ فاعلم۲ أنّ جميع ذلك مخلوق لبني آدم لينتفعوا به و يتلذّذوا و يَقوَوا على العبادة ؛ هذا ما لم يَتَراقَ إلى حدّ الإسراف، و لم يقع في۳ درجة الإتلاف.
و روي عن الصادق عليهالسلام أنّه سأله بعض أصحابه عن قوله تعالى: «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ»۴ فقال: ماذا يقولون فيه؟ قال: إنّهم يفسّرونه بالماء البارد. فقال عليهالسلام: لا ؛ إنّ الكريم لا يحاسِب على الطعام و الشراب، بل النعيم ولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.۵ أو كما قال [عليهالسلام].
و روى أبو هريرة عنه صلىاللهعليهوآله: أنّه قال: إنّ أحَبَّ الأعمال إلى اللّه ـ عزّ و جلّ ـ أدوَمُها و إن قَلَّ، فعليكم من الأعمال بما تُطيقون ؛ فإنّ اللّه لا يَمَلُّ حتّى تَمَلّوا.۶
و معنى الملال المنسوب إلى اللّه تعالى: قطع مادّة الإحسان، و إنّما ذكره بلفظ الملال لمقابلة اللفظين و مراعاة الازدواج۷، كما قال: «وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ»۸، و قوله تعالى: «إِنَّمَا نَحْنُ۹ مُسْتَهْزِئُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِءُ بِهِمْ»۱۰، «وَ مَكَرُوا مَكْرا وَ مَكَرْنَا مَكْرا»۱۱، و المعنى:
1.. الأعراف ۷ : ۳۲ .
2.«ألف» : فما علم .
3.. «ألف» : إلى .
4.. التكاثر ۱۰۲ : ۸ .
5.. روضة الواعظين ، ص ۴۹۳ ؛ المناقب لابن شهر آشوب ، ج ۲ ، ص ۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۳ ، ص ۷۰ .
6.. مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۶۱ ؛ و ج ۶ ، ص ۲۶۸ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۱۸۲ ؛ صحيح مسلم ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ؛ مسند ابنالمبارك ، ص ۴۰ ، ح ۸۱ .
7.. و هو ما يُعرَف بـ «المُشاكلة» عند علماء البلاغة .
8.. الأنفال ۸ : ۳۰ .
9.. «ألف» : ـ «انما نحن» .
10.. البقرة ۲ : ۱۴ و ۱۵ .
11.. النمل ۲۷ : ۵۰ .