بأجمعهم على أن يُعطوك حَبّةً مِن عندهم مِن غير أن يكون للّه تعالى فيها مِلكٌ لما قَدَروا ؛ لأنّ الموجودات بأَجمَعِها له، فإن۱ أعطَوك فمِن ملكه، و إن منعوك و أراد أن يَصِلَ إليك وَصَلَ، و بالعكس لو أرادوا أن يُحْرِموك و أراد ـ عزّ و علا ـ أن يرزُقَك لما قدروا ؛ لأنّ له الخَلقَ و الأمرَ ؛ حَرَصَ الحريصُ على إعطائك، أو كَرِهَه الكارهُ.
و فائدة الحديث: الأمر بالتمسّك برضى اللّه تعالى، و النهيُ عن إيثار أحد عليه، و عن الحمد لغير اللّه فيما آتاك، و عن ذمّه على ما۲ لم يؤتك، إعلاما أنّ الرزق يوصِله الرزّاق ؛ أراد الخلقُ ذلك أو كرهوا، و هو المانع إن يُمنَع۳.
و راوي الحديث: عبد اللّه بن مسعود رضىاللهعنه.
۶۱۱.قوله صلىاللهعليهوآله: لاَ تَسأَلِ الإمَارَةَ ؛ فَإِنَّكَ إنْ اُعطِيتَها عَنْ غَيرِ مَسأَلَةٍ اُعِنْتَ عَلَيها، وَ إنْ اُعطيتَها عَنْ مَسأَلَةٍ وُكِلتَ إِلَيهَا.۴
يقال: أمَرَ الرجُلُ و أمُرَ ـ بالضمّ ـ أي صار أميرا و صارتْ فلانةُ أميرةً، و الإمرة و الإمارة مصدر.
يقول صلىاللهعليهوآله ذلك لعبد اللّه بن سَمُرَة، و معنى ذلك أنّه إذا وَلَّى الحاكمُ عاملاً مِن عند نفسه من غير مسألة و طلبٍ لشغلٍ۵، أعانه عليه الحاكم ؛ لأنّه هو الّذي اختاره و استعمله و اختصّه بالشغل، و اصطفاه بالعناية، و اجتباه للجِباية۶، فهو كالعِيال له و الّذي تَلزَمه تربيته۷.