453
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و قال سعيد بنُ عبد الرحمن الزُّبَيديُّ۱: يُعجِبني مِن القرّاء كُلُّ سَهْلٍ طَلْقٍ۲ مِضحاكٍ ؛ فأمّا مَن تَلْقاه بِبِشر، و يَلقاك بعُبوس۳، يَمُنُّ عليك بعمله، فلا أكثَرَ اللّه‏ُ في المسلمين مِثلَه!۴

و نظر عُمَرُ إلى رجُلٍ يَمشي متطأطئا رأسه، فقال: ارفَعْ رأسَك ؛ فإنّ الإسلام ليس۵ بمريض.۶

و رأى ابنُ عمرَ رجُلاً ساقطا في طريق مكّةَ، فسأل /۳۸۷/ عنه؟ فقالوا: هذا رجُل إذا سَمِعَ الشيءَ مِن ذِكر اللّه‏ تعالى خَرَّ ساقطا مِن خشية اللّه‏ تعالى! فقال ابن عمر: إنّا نَخشى اللّه‏َ و ما نَسقُط!۷ و سُئل أنس بن مالك۸ عن القوم الّذين يَصعَقون إذا سَمعوا القرآنَ؟ فقال: ذاك من فعل الخوارج.۹

و ذُكر لعائشة أنَّ قوما يَسمعون القرآنَ فيصعقون! فقالت: القرآن أكرَمُ مِن أن يُنزَفَ۱۰ منه قلوبُ۱۱ الرجال ؛ و لكن كما قال اللّه‏ تعالى: «مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللّه‏ِ»۱۲.۱۳

1.. قاضي الريّ ، كان يروي المقاطيع ، وثّقه أبو داود ، و روى له النسائي ، و توفّي في حدود الستّين و المئة . الوافي بالوفيات ، ج ۱۵ ، ص ۱۴۸ .

2.. طَلُق الرجُلُ طَلاقةً فهو طَلْق و طليق : مستبشر منبسط الوجه متهلِّله . لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۲۲۸ طلق .

3.. في المصدر : بضرس .

4.. في المصدر : «فلا كثّر اللّه‏ في الناس أمثال هؤلاء» . راجع : الإخوان لابن أبي الدنيا ، ص ۱۹۶ ، ح ۱۴۱ .

5.. «ألف» : فليس في الإسلام .

6.. رواه ابن الأثير ، قال : «و منه حديث عمر : رأى رجلاً مطاطئا رأسه ، فقال : ارفع رأسك ؛ فإنّ الإسلام ليس بمريض» .النهايه ، ج ۴ ، ص ۳۷۰ ، ذيل مادّة موت .

7.. لم نعثر عليه إلاّ في روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط .

8.. في المخطوطتين: إسرائيل .

9.الاعتصام لإبراهيم الشاطبي الغرناطي ، ج۱، ص۲۰۲.

10.. ربيع الأبرار : أن يسرق . نُزِف الرجُلُ فهو منزوف و نزيف ؛ أي سَكِرَ فذهب عقلُه . و أنزَفَ : ذَهَبَ عقله من السُّكر . انظر : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۲۷ نزف .

11.. ربيع الأبرار : عقول .

12.. الزمر ۳۹ : ۲۳ .

13.. راجع : ربيع الأبرار للزمخشري ، ج ۴ ، ص ۳۰۱ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
452

بعضُكم بعضا كذبا و زورا إبقاءً على غرضٍ و مراقبةً لمقصود، و لا يَطعَنْ بعضُكم في بعضٍ تعصّبا و مُلاجّةً۱، و لا تُظهِروا الزهدَ مِن أنفسكم كذبا ؛ فإنّ المتزاهِدَ كَذّابٌ، و ما يتعلّق باللّه‏ تعالى فالكذب فيه أصعَبُ، و المُتَعاطي له أعطَب، و من الغضب الإلهيّ أقرب، و شرّ هذه الأربعة التَّماوت ؛ فإنّ ذلك يكون حِبالةً۲ لحُطام الدنيا حتّى يَرحموه فيُعطوه أو يعتمدوه فيستودعوه، و ليت شعري ماذا يَصنع بالودائع؟ و كيف يَتقلّد ما لم يقلِّدْه اللّه‏ تعالى، و هل هو إلاّ الجَشَعُ و الحرص و طمع الخيانة و الخَيسُ۳ بالأمانة ؛ أعاذنا اللّه‏ من ذلك؟! و ليت شعري ما ذا يَصنع الناسُ إذا كنتَ زاهدا؟! يعبدونك؟ فلَسْتَ لذلك بأهل! أم يبايعونك؟! فأنت معدن كلّ جهل! و هل وَرَدَ بذلك أثرٌ عن نبيّ أو صِدّيق؟ فإنّ نبيَّنا صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان أزهَدَ الناس، و كان يَمزَح و لا يقول إلاّ حقّا،۴ و كان لا يزال متبسّما، و كان أمير المؤمنين عليه‏السلام بَلَغَ مِن حُسنِ الخلق إلى حدٍّ عابوه بذلك، و قالوا: هو دَعِبٌ لَعِبٌ، و قالوا: هو تِلعابةٌ!۵ و ذلك لطيب أخلاقه و طهارة أعراقه، و كذلك أولاده الطاهرون عليهم‏السلام.

و كان ابن عبّاس يَمزَح و يَتجاوز الحدَّ و هو حِبر الاُمّة و تَرجُمانُ القرآن.

و روي: أنّ عائشةَ نظرتْ إلى رجُل مِن القُرّاء فرأتْ ما به من التخافت، فقالت: ما لهذا؟ قالوا: هو رجُل من القُرّاء؟ فقالت: كان عمر سيّد القرّاء، و كان إذا مشى أسرع، و إذا ضرب أوجع، و إذا قال أسمع،۶ و كذلك سائر الصحابة ـ رضي اللّه‏ عنهم ـ.

1.. «ألف» : مداحة .

2.. «ألف» : حيلة .

3.. خاس فلان بوعده : أخلف ، و خاس عهده و بعهده : نقضه و خانه ، و الخَيس : التغيّر و الفساد و الإنتان . انظر : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۷۴ و ۷۵ خيس .

4.. اقتباس من قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «إنّي أمزح و لا أقول إلاّ حقّا» . راجع : الكامل لابن عبد البرّ ، ج ۲ ، ص ۳۴۴ ، ح ۴۷۶ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۶ ، ص ۳۳۰ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۱ ، ص ۵۲۰ ، الرقم ۱۹۴۲ .

5.. قاله عمر . راجع : الإيضاح لفضل بن شاذان ، ص ۴۹۸ .

6.. النهاية لابن الأثير ، ج ۴ ، ص ۳۷۰ ، ذيل مادّة موت مع تفاوت يسير .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2380
صفحه از 488
پرینت  ارسال به