419
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و قال غيره: عَذَرَ الرجُلُ إذا كثُرتْ عيوبُه، و كذلك أعذَرَ.۱

قلت: و يَرجع محصولُ هذين إلى ما قال أبو عبيد ؛ لأنّ عَذَرَه معناه جَعَلَه معذورا فهو يَعذِر المُعاقِب۲، و أعذَرَ إذا أقامَ عُذرا،۳ و المُذنِب يُقيم عذرَ المعاقِب۴.

و يَلوح لي فيه وجهٌ آخَرُ و هو أن يكون معناه: لن يَهلِكوا حتّى يَعذِروا أنفسَهم فيما يَرتكبون مِن الذنوب، فهم يُذْنِبون و يُقيمون لذنوبهم أعذارا ؛ دَأْبَ۵ المعلِّل الّذي يقيم لخيانته۶ عذرا، و يَظُنّ أنّ عذره المتقوَّل سيُنجيه۷ مِن غائلة الخيانة۸ ؛ و على هذا الوجه يكون «مِن» إمّا للتبعيض كأنّ المعنى /۳۷۲/ يَعذِرون بعضَ جنايات أنفسهم أي يَعذِرون مرتكبيها، و إمّا زيادةً، و التقدير: حتّى يَعذِروا أنفسَهم، و بئست الخَلّة الّتي لا عاذِرَ فيها إلاّ أنت، قال الشاعر:

فما حَسَنٌ أن يَعذِر المرؤُ نفسَه

و لَيس له مِن سائر الناس عاذِرُ۹

و إذا رَوَيتَ «يُعذِروا» فعلى هذا الوجه يكون المعنى: حتّى يقيموا أعذارا مِن قِبَلِ أنفسهم.

و فائدة الحديث: إعلام أنّه لا يَهلِك الناسُ حتّى يَستوجِبوا العذابَ۱۰، و يكونُ معذِّبُهم معذورا، و لا يَهلِكون حتّى يَعذِروا أنفسَهم، و يوجِّهوا لذنوبهم وجوها، و يخرِّجوا لها مَعاذيرَ و عِلَلاً.

1.. راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۴۰ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۴۷ عذر .

2.. «ألف» : التعاقب .

3.. و منه المثل العربي السائر : «قد أعذَر مَن أنذَر» و غالِب أهل عصرنا يلفظون «أعذَر» بالبناء للمجهول : أُعذر و هو خطأبلا ريب . (عبد الستّار) .

4.«ألف» : التعاقب .

5.. «ألف» : ذات .

6.. «ألف» : لجنايته .

7.. «ألف» : المنقول ينجيه .

8.. «ألف» : عايلة الجناية .

9.. نسب إلى بعض الشعراء في أدب الدنيا و الدين ، ص ۳۶۴ .

10.. «ألف» : + مركَّبا أي مسقفا كأنّه أذنب مرّتين .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
418

و روي أنّ أعرابيّا سأل رسولَ اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فأعطاه دينارين و هو غنيٌّ، فقال عليه‏السلام: أما إنّ جَمْرَتَين في كفّه خير منهما. فقال عمر: فلِمَ أعطَيتَه يا رسولَ اللّه‏؟ قال عليه‏السلام: إنّ اللّه‏َ يَأبى۱ البُخلَ.۲

و فائدة الحديث: إعلام تحريم الصدقة إلاّ على المستحقّ.

و راوي الحديث: عبد اللّه‏ بن عمر، و رواه أبو هريرة: «لذي۳ مرّة سَويّ»، و «السويّ» الّذي لا عَيب به۴ مِن خَرَس أو شَلَلٍ أو غير ذلك.

۵۷۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ يَهلِكُ النَّاسُ حَتَّى يَعذِروا مِن أَنفُسِهِم.۵

و۶ [في] رواية: يُعذِروا. ذكر أبو عُبيدٍ القاسمُ۷ بن سلاَّم في هذا الحديث، قال: معناه: حتّى تَكثُر ذنوبُهم و عيوبُهم، و لا أرى اُخِذَ هذا إلاّ مِن العُذر ؛ أي يَستوجبون العقوبةَ فيكون لمن يعذِّبهم العذرُ في ذلك، و هو كالحديث الآخر: لن يَهلِكَ على اللّه‏ إلاّ هالِكٌ.۸

و قال أبو عُبيدةَ مَعمَرُ بنُ المثنّى۹: أعذَرَ فلانٌ مِن نَفْسِه، و عَذَرَ من نفْسه يَعذِر: إذا أتى مِن نفسه.۱۰

1.. «ب» : قال عليه‏السلام : يأبى اللّه‏ .

2.. لم نعثر عليه .

3.. «ألف» : بذي .

4.. «ألف» : فيه .

5.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۶۲ ، ح ۸۸۶ . مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۲۶۰ ؛ و ج ۵ ، ص ۲۹۳ ؛ مسند ابن الجعد ، ص ۳۶ ؛ الفائقفي غريب الحديث ، ص ۳۳۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۴۲۵ ، ح ۷۳۹۷ ؛ اُسد الغابة ، ج ۵ ، ص ۳۷۳ .

6.. «ب» : ـ و .

7.. في المخطوطتين كتب : القسم .

8.. نقل عنه مع تفاوت يسير في غريب الحديث لابن سلاّم ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ ؛ الصحاح ؛ ج ۲ ، ص ۷۳۹ و ۷۴۰ عذر .

9.. مَعْمَر بن المثنَّى البصريُّ النحويُّ المتوفَّى سنة ۲۰۸ أو ۲۰۹ أو ۲۱۰ هـ .

10.. تهذيب اللغة للأزهري ، ج ۲ ، ص ۱۸۵ . و قال ابن منظور : «أعذَرَ فلان مِن نفسه ؛ أي أتى من قِبَل نفسه . و عَذَّر يعذِّرنفسَه ؛ أي أتى من قبل نفسه ، قال يونس : هي لغة العرب» . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۴۹ عذر .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2262
صفحه از 488
پرینت  ارسال به