أكثرَ مِن ثلاثِ ليال. إنّما ذَكر الليالي لأنّها قَبل الأيّام، و ما من يوم إلاّ و ليلتها قبله، و هذا لفرط شفقته عليهالسلام أمر أن لا تَزيدَ المهاجرةُ و المصارمة۱ على ثلاثة أيّام مَخافةَ أن تُفضِيَ إلى ما هو أصعَبُ مِن المهاجرة مِن المُشاقَّة۲ و المكافَحَة۳.
و روتْ عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال: لا يصلُح /۳۳۳/ لِمُسلِمٍ۴ أن يَهجرُ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيّام، إلاّ أن يكون ممّن لا تُؤمَن بَوائقُه۵.۶ هذا في المؤمن الصالح ؛ فأمّا الطالح الفاسق فإنّه تَجِبُ مهاجرتُه.
و عن الحسن: هجران الأحمق قربةٌ إلى اللّه تعالى.۷
و فائدة الحديث: الأمر بحسن المخالقة و طيب العشرة و ترك الخلاف و الجدال.
و راوي الحديث: أبو هريرة.
۵۵۳.قوله صلىاللهعليهوآله: لاَ كَبيرَةَ مَعَ استِغفَارٍ، وَ لاَ صَغيرَةَ مَعَ إِصرَارٍ.۸
«الإصرارُ»: الدوام و الإقامة على الشيء، و ذُكر أنّه مِن صَرَّ أي شَدَّ كأنّه يَشُدُّ۹ نفْسَه فيه، و «هي مِنِّي صِرَّى»۱۰ من الإصرار أي عزيمةٌ، و كُلُّ ما عُصِيَ اللّهُ تعالى به فهو كبيرة،
1.. الصُّرم : اسم للقطيعة ، و فِعله الصَّرم ، و المُصارَمة بين الاثنين . لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۳۳۵ صرم .
2.. المُشاقّة : و غلبة العداوة و الخلاف . كلا أنَّ الشِّقاق أيضا : العداوة بين فريقين و الخلاف بين اثنين ؛ شاققتُه مُشاقَّةً وشِقاقا . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۸۳ شقق .
3.. المكافحة : مصادفة الوجه بالوجه مفاجأة ، و المكافحة في الحرب : المضاربة تلقاء الوجوه . انظر : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۵۷۳ كفح .
4.في المخطوطتين : المسلم .
5.. البائقة : الداهية ، و البلية ، و الشرّ ، و الظلم . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۳۰ بوق .
6.. الكامل لعبد اللّه بن عدي ، ج ۶ ، ص ۱۴۷ ، ح ۱۶۴۵ .
7.. إحياء علوم الدين ، ج ۶ ، ص ۵۸ .
8.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۴۴ ، ح ۸۵۳ ؛ تخريج الأحاديث و الآثار ، ج ۱ ، ص ۲۲۸ ؛ شرح مسلم للنووي ، ج ۲ ، ص ۸۷ ؛عمدة القاري ، ج ۲۲ ، ص ۸۴ ؛ الفتح السماوي ، ج ۲ ، ص ۴۸۳ . تفسير مجمع البيان ، ج ۳ ، ص ۷۳ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۷ ، ح ۱۳۲۸۰ و رواه في الأخير عن كتاب الشهاب .
9.. «ألف» : يسدّ .
10.. قال الجوهري : قال أبو سَمَّال الأسدي و قد ضَلَّتْ ناقتُه : أيْمُنُك لئن لم تَرُدَّها علَيَّ لا عَبَدتُك! فأصاب ناقتَه و قد تَعلَّقَ زمامُها بعوسجةٍ ، فأخذها و قال : عَلِمَ رَبِّي أنّها مِنّي صِرَّى! و حكى يعقوب : أصِرِّي و أصرَّى و صرِّي و صِرَّى ، و قد اختُلف عنه . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۱۲ صرر .
و قال ابن منظور : و قال أبو السَّمَّال الأسدي حين ضَلَّت ناقتُه : اللّهمّ إن لم تردّها عليَّ فلم اُصلِّ لك صلاةً ، فوجدها عن قريب ، فقال : علم اللّهُ أنَّها مِنّي صِرَّى! أي عزمٌ عليه . و قال ابن سكّيت : إنّها عزيمة محتومة . قال : و هي مشتقَّة من أصررتُ على الشيء إذا أقمتَ و دُمتَ عليه . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۵۲ صرر .