391
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

«الهِجرة»، و الهِجرتان هِجرةٌ إلى الحبشة، و الاُخرى إلى المدينة ؛ فأمّا الاُولى فهي هجرةٌ عنه عليه‏السلام ؛ لأنّهم كانوا يَتعرَّضون لهم بالبلاء۱، يخافون أذى المشركين و مَعرَّتهم۲، فهاجَروا النبيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى الحبشة ؛ لأنّهم كانوا يتعرّضون لهم بالبلاء. و الاُخرى الّتي إلى المدينة، /۳۳۱/ فهي هجرة إليه و هي صلة۳ و مَكرُمة. و «الهجرة» هي مفارقة۴ دار الكفر إلى دار الإيمان، و هي المذكورة في قوله عزّ و علا: «فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه‏ِ»۵.

و أصل الهجرة عند العرب: خروجُ البَدَويّ من البادية إلى المُدُن۶، يقال۷: هاجَرَ البَدَويُّ إذا حَضَر القُرى و أقام بها، و الّتي في الحديث الإشارة بها إلى هجرة المدينة.

و روي: أنّ رجالاً مِن قريش أرادوا أن يُهاجِروا إلى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فمَنَعَهم آباؤُهُمْ عن ذلك، فذَكروا ذلك للنبيّ عليه‏السلام فقال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لا هجرة بعد الفتح ؛ إنّما هو النيّة و الجهاد.۸

و روي: أنّه عليه‏السلام قال ذلك في مُسلِمي مَكّةَ بعد ما فُتحتْ ؛ لأنّها قد صارتْ دارَ إسلام، فلا هجرةَ منها بعد /۳۶۱/ فتحها،۹ و هو حسن.

1.. «ألف» : ـ يتعرضون لهم بالبلاء .

2.. المَعرَّة و العَرَّة : الشدّة ، و الأذى ، و الغُرم ، و الجناية . و عارَّه مُعارَّةً و عِرارا : قاتَله و آذاه . انظر : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۵۶ عرر .

3.. «ألف» : صلاة .

4.. «ألف» : المفارقة .

5.. النساء ۴ : ۸۹ .

6.. «ب» : المدينة .

7.. «ألف» : يقول .

8.. المعجم الكبير للطبراني ، ج ۱۸ ، ص ۲۶۳ ، مع تفاوت يسير .

9.. راجع : مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۲۶ و ۳۵۵ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۲۳۹ ؛ صحيح البخاري ، ج ۳ ، ص ۲۰۰ و ۲۱۰ ؛صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۲۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۷۵ ، ح ۱۶۳۸ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
390

و قال أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاّم: هو في هذا الحديث المتبتّل الّذي يَترُك النكاحَ، يقول: لا يَنبغي۱ لأحد أن يقول: «لا أتزوّج» ؛ لأنّه ليس هذا من أخلاق المؤمنين.۲ انتهى كلامه.

و لذلك قال عليه‏السلام: تَزَوَّجوا تَكثُروا ؛ فإنّي مُباهٍ بكم الأنبياءَ يوم القيامة.۳

وحَكى لي بعضُ اليمانين قال: نحن إذا تَوجّهْنا إلى بعض البلاد، و كان في الرُّفقة مَن لم يَدخُلْ تلك البلدةَ قَطُّ كَلّفناه أن يَخدُم الرفقةَ بطعامٍ أو مأكول، و نسمِّي ما نكلِّفه الصَّرورةَ. و قد فُسِّر هذا الحديثُ على وجهين: أحدُهما: أنّه الّذي لم يَحُجَّ على معنى أنّه ينبغي أن يحُجّ كُلُّ مسلم يَستطيع الحجَّ، و لا يَبقى أحدٌ منهم حتّى يكون صرورةً، و الآخرُ: تَركُ النكاح على طريقة الرُّهبان.

و قال عليه‏السلام: تَناكَحوا تَكثُروا ؛ فإنّي اُباهي بكم الاُمَمَ حتّى بِالسِّقط.۴

و قيل: اشتقاقُه مِن الصَّرّ الجمعُ، فالّذي لا يَتزوّج يصُرُّ ماءَه في ظَهره و يَجمَعه و يُبقيه، و الّذي لا يحُجُّ يصُرُّ على ماله فلا يُنفقه في طريق الحجّ.

و فائدة الحديث: النهي عن التبتّل، و الحثّ على التأهّل.

و راوي الحديث: ابن عبّاس رضى‏الله‏عنه.

۵۴۹.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ.

«۵الهَجْر»: المفارقة، و هو ضدّ الوصل، و قد هَجَرَ يَهجُر هَجْرا و هِجرانا، و الاسمُ

1.. في المصدر : هو في الحديث التبتّل و ترك النكاح ، أي ليس ينبغي .

2.. نقل عنه في النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۲ صدر .

3.. لم نعثر عليه ، نعم روي ما يقرب من معناه . راجع : مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۲۴۵ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۷ ، ص ۸۲ ؛المعجم الأوسط للطبراني ، ج ۵ ، ص ۲۰۷ ؛ مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۹۴ ، ح ۶۷۵ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۴ ، ص ۱۷۸ ، ح ۱۶۴۳۷ .

4.. معرفة السنن و الآثار ، ج ۵ ، ص ۲۲۰ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۷ ، ص ۸۹ ، ذيل الآية ۳۲ من سورة النور ۲۴ .

5.۵ . مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۴۱ و ۴۲ ، ح ۸۴۴ ـ ۸۴۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۲۶ و ۳۵۵ ؛ و ج ۲ ، ص ۲۱۵ ؛ و ج ۳ ، ص ۲۲ ؛ و ج ۵ ، ص ۱۸۷ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۲۳۹ ؛ صحيح البخاري ، ج ۳ ، ص ۲۰۰ و ۲۱۰ ؛ و ج ۴ ، ص ۳۸ و ۲۵۳ ؛ و ج ۵ ، ص ۹۸ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۲۸ . الكافي ، ج ۵ ، ص ۴۴۳ ، ح ۵ ؛ الفقيه ، ج ۳ ، ص ۳۶۰ ، ح ۴۲۷۳ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۴۶۱ ، ح ۶۱۴ ؛ الخصال ، ص ۱۹۳ ، ح ۲۶۸ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‏السلام ، ج ۱ ، ص ۹۴ ، ح ۳۴ .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2353
صفحه از 488
پرینت  ارسال به