383
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و الجهلَ فقدان العلم الّذي هو نورُ القلوب و۱ شفاءُ الصدور، فمَن فَقَدَه فهو في أشدّ الفقر ؛ و صار العقلُ أعوَدَ من المال لأنّ المال غادٍ و رائح، يصبح۲ الإنسانُ فقيرا و يُمسي غنيّا و بالعكس، و ليس العقلُ كذلك ؛ فإنّه الصاحبُ المأمون و المال الّذي لا يُغصَب۳، ثمّ إنّ المال يُكتسَب بالعقل، و لا يُكتسَب العقلُ بالمال ؛ و جَعَلَ عليه‏السلام العقلَ مالاً لأنّه سببه الّذي يَحصُل به، و العقلُ هو الفارقُ بين الإنسان و البهيمة، و به يُكتسَب النعيمُ الأبديُّ و الخيرُ السرمديّ، و به يُتغلَّب على الحيوانات كلّها.

و صار العُجب وحدةً لأنّه يَجُرّ تنافُرَ الناس عن صاحبه، فيَبقى وحيدا شريدا۴ غريبا حزينا۵ لا يَألِف و لا يُؤلَف، و لا يَأنس بأحد و لا يؤنَس به، و العُجْب الاسمُ مِن أعجَبَ بنفْسِه إذا أعجَبَتْه نفْسُه و راقَتْه۶ إعجابا، و ليس في الدنيا أضرُّ مِن النظر إلى النفس.

و هذا كلام لبعض المذكِّرين أنّ إبليس نَظر إلى نفسه فقال۷: «أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ»! فلعنه،۸ و فرعون نظر إلى مُلكه فقال۹: «أَ لَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَ هَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِن تَحْتِى» ؟۱۰ فغَرَّقه فيها، و قارون نظر إلى ماله و قال: «إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي»،۱۱ فأهلكه مع ماله، قال تعالى: «فَخَسَفْنَا بِهِ وَ بِدَارِهِ الْأَرْضَ»۱۲، و الملائكة نظروا إلى تسبيحهم و تقديسهم

1.. «ألف» : في .

2.. «ألف» : فيصبح .

3.. «ب» : لا يغضب .

4.. «ألف» : تشريدا .

5.. «ب» : «حريبا» ، و الحريب : الّذي سلب حريبته أي ماله الّذي يَعيش به . انظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۰۴ حرب .

6.. «ألف» : راقبه .
و راقني الشيءُ : أعجبني ، و راقَ فلانٌ على فلان : زادَ عليه فضلاً . انظر : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۴ روق .

7.. «ب» : و قال .

8.. الأعراف ۷ : ۱۲ ؛ ص (۳۸) : ۷۶ .

9.. الزخرف ۴۳: ۵۱ .

10.. القصص ۲۸ : ۷۸ .

11.. القصص ۲۸ : ۸۱ .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
382

و إلى السفَه أقرب،۱ انتهى كلامه.

و هذا الّذي قاله الخَطّابيُّ وجهٌ إلاّ أنّه كان يَتمشّى له على الإطلاق۲ لو قال عليه‏السلام: «لا حليم إلاّ ذو عثرات»، فلمّا قَلّل منه العِثار، و ذَكر العثرةَ الّتي هي دليل على المرّة الواحدة، فكان أدلَّ على الوجه الّذي قدّمناه، و لو حملناه على الجنس لكان يؤدّي ما قال، و الخَطّابيُّ كبير.

و قوله عليه‏السلام: «و لا حكيم إلاّ ذو تجربة» ؛ يعني أنّ الحكيم لا تزال له تجاربُ فيما يُقدِم عليه، فلا يَقتحم الأمرَ بغتةً مِن غير فكر من عواقبه و نظرٍ في مَغَبَّته.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ الحليَم۳ قد يَعْثُرُ، و لا يخلو من ذلك، أو يكون مطّلعا على الاُمور، أو يكون قد تأدّب و جرّب ؛ و الحكيم /۳۲۸/لا يخلو من التجربة في أمره.

و راوي الحديث: أبو سعيدٍ الخُدريّ.

۵۴۵.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: لاَ فَقرَ أَشَدُّ مِنَ الجَهلِ، وَلاَ مَالَ أَعوَدُ مِنَ العَقلِ، وَ لاَ وَحدَةَ أَوحَشَ مِنَ العُجبِ، وَ لاَ مُظاهَرَةَ أَوثَقُ مِنَ المُشاوَرَةَ، وَ لاَ عَقلَ كَالتَّدبيرِ، وَ لا حَسَبَ كَحُسنِ الخُلُقِ، وَ لاَ وَرَعَ كَالكَفِّ، وَ لاَ عِبادَةَ كَالتَّفَكُّرِ، وَ لاَ إِيمانَ كَالحَياءِ وَ الصَّبرِ.۴

محصول هذه الكلمات تَرجع إلى أنّ الجهل فقر، و العقل غنى۵، و العُجبَ وحدة، و المشاورةَ مظاهَرة، و التدبيرَ عقل، و حسنَ الخُلق حسب، و الكفّ ورع، و التفكّرَ /۳۵۷/ عبادة، و الحياءَ۶ و الصبر إيمان ؛ و إنّما صار الجهلُ أشدَّ الفقر لأنّ الفقر فقدان المال،

1.. لم نعثر عليه .

2.«ألف» : + و .

3.. «ألف» : الحكيم .

4.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۸ و ۳۹ ، ح ۸۳۶ ـ ۸۳۸ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۳ ؛ المعجم الكبير ، ج ۳ ، ص ۶۹ ،ح ۲۶۸۸ ؛ تخريج الأحاديث و الآثار ، ج ۱ ، ص ۲۶۳ . الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۵ ، ح ۲۵ و فيه إلى قوله : «من العقل» ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۷ ، ح ۴۷ ؛ التوحيد ، ص ۳۷۶ ، ح ۲۰ ؛ تحف العقول ، ص ۶ (و في الكلِّ مع اختلافٍ يسير) .

5.. «ب» : مال .

6.. «ب» : ـ و الحياء .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1952
صفحه از 488
پرینت  ارسال به