375
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

و راوي الحديث: أبو سعيد الخدريّ.

۵۴۰.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا يَزالُ المَسأَلَةُ بِالعَبدِ حَتَّى يَلقَى اللّه‏َ وَ ما في وَجْهِه مُزْعَةُ لَحْمٍ.۱

«المُزْعَة»: القطعة من اللحم الصغيرةُ، و قد تَمَزَّعَ فلان مِن الغيظ كأنّه تَقطَّعَ و تَميّز، و مَزَّعَت المرأةُ قُطنَها: إذا زَيّدته تَقطَعها بيديها ثمّ تُؤَلِّفها.

و معنى الحديث: أنّ العبد لا يزال يَسأل الناس و يؤذيهم و يُلِحّ عليهم و يَتعرّض لهم حتّى يَعرُقَ السؤالُ لحمَ وجهه و يُريقَ ماءَه، و يَتجهَّمُه الناسُ حتّى يَلقى اللّه‏َ تعالى و لا وجه له عنده ؛ لأنّه قد تفانى۲ بسؤال الناس، /۳۲۶/ و ذِكر المزعة مَثَلٌ كأنّه قال عليه‏السلام: حتّى يبقى و لا وجه له عنده ؛ لأنّ السؤال قد عَرَقَ وجهَه.

و قال ابن قُتَيبة۳۴: المُزْعة النُّتفة۵ من اللحم، و الجُزْعة: القِطعة من الشحم،۶/۳۵۴/ تقول العربُ: ما له جُزْعةٌ و لا مُزْعة.

و معنى الحديث: أنّه يأتي ذليلاً ساقطَ القدر و۷ لا وجه له عند اللّه‏ تعالى. و۸ هذا في الرجُل يَسأل مِن غير حاجة، و إنّما يَقصد الاستكثار ؛ فأمّا مَن سَأل عن حاجة نالته فالمسألة مباحة له إلاّ أن يَستغني.

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۳ ، ح ۸۲۶ ؛ صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۱۳۰ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۵ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ،ص ۹۶ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۲ ، ص ۵۰ ، ح ۲۳۶۶ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۹۶ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۸ ،ص ۳۱۰ مع اختلاف يسير في الجميع عدا الأوّل .

2.. تَفانى القومُ قتلاً : أفنى بَعضُهم بعضا ، و تفانَوا : أفنى بعضُهم بعضا في الحرب ، و المفاناة : المداراة ، و فانيتُ الرجُلَ : داريته و سكّنته . انظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۶۴ ـ ۱۶۵ فني .

3.. «ألف» : قنينة . وهو تصحيف ظاهر .

4.. في روح الأحباب لأبي الفتوح الرازي المخطوط : «أبو عبيد» ، و هو أنسب ممّا نقل في تاج العروس منه .

5.. «ألف» : الشقّة .
و النُّتْفَة : ما نَتفتَه بأصابعك مِن بنت أو غيره . لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۳۲۳ نتف .

6.. راجع : تاج العروس ، ج ۱۱ ، ص ۴۵۵ مزع .

7.. «ألف» : ـ و .

8.. «ب» : ـ و .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
374

و «النَّصَب»: التعَب، و كذلك النُّصْب كقولك: البُخْل و البَخَل، و قد نَصِبَ يَنصَب نَصَبا، و أنصَبَه غيرُه.

و «السَّقَم»: مَرَضُ البدن خاصّةً، و قد سَقِمَ يَسْقَم سَقَما فهو سَقيم، و السُّقْم الاسم، و السَّقَم أيضا مثل حُزْن و حَزَنٍ، و كذلك السِّقام. و «الأذى»: الضرر يُصيب الإنسانَ في نفْسه أو ماله، و قد آذاه غيرُه، و تَأذّى بذلك.

و «الحُزْن»: خُشونة النفْس لِما تَلقاه مِن الغمّ، و كذلك الحَزَن، و يقال: حَزِنَ يَحزَن، و حَزَنتُه و أحزَنْتُه، و الاُولى لغة قريش، و الثانية لغة تميم.۱

و «الهَمّ»: الحُزن الذي يُذيب الإنسانَ، تقول: هَمَمتُ الشَّحمَ إذا أذَبتَه، و أهَمَّه الشيءُ: أقلَقَه و حَزَنَه. و المُهِمُّ: الأمرُ الشديد.

يقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما يُصيب الإنسانَ شيءٌ ممّا ذَكَرَه عليه‏السلام إلاّ صار كَفّارةً لذنوبه و خطاياه، و يعوّضه عنه أعواضا تُرضيه.

و قال عليه‏السلام: حُمّى يومٍ كَفّارةُ سَنَة.۲

و في الحديث: ما مِن مؤمن يَمرَض مَرضةً إلاّ تَحاتَّتْ ذُنوبُه كما يَتحاتُّ الورقُ مِن الشجر.۳ أوْ كما قال عليه‏السلام. و هذا إذا صَبَرَ العبدُ و رَضِي و لم يَجزَعْ و عَلِم أنّ الّذي اختاره اللّه‏ تعالى له خير ممّا يختاره لنفسه. و إنّما يكون له الأعواضُ من اللّه‏ تعالى و التكفير إذا كانت هذه الأشياءُ مِن قِبل اللّه‏ تعالى ؛ فأمّا إذا كانت مِن قِبل غيره فهو يَستوفي ـ عزّ و علا ـ من المولم العِوَض لمكان تمكينه منه.

و فائدة الحديث: إعلام أنّ اللّه‏ تعالى كريم، إذا أمرَضَ العبدَ أو نزل به أذًى يَسلُبه صِحّتَه، اقتضى كرمُه أن يعفو عنه، و يكفِّرَ به خطاياه، و يعوّضه ما يرضاه.

1.. راجع : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۹۸ حزن .

2.. فقه الرضا عليه‏السلام ، ص ۳۴۱ ؛ دعائم الإسلام ، ج ۱ ، ص ۲۱۷ ؛ الدعوات للراوندي ، ص ۱۷۰ ، ح ۴۷۶ .

3.. لم نعثر عليه.

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2129
صفحه از 488
پرینت  ارسال به