361
ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني

نُشير إلى لَمحةٍ دالّة.

فيقول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: ما مِن رجُل مِن أهل الإسلام أفضلَ و أكثرَ ثوابا مِن وزيرٍ صالح يرتِّب أمرَ ذي سلطانٍ عادل قد اعتَمد عليه و جرّبه و تبرّك بهدايته، فالسلطان يَعتمد على استصوابه، و هو يَتحرّى۱ فيما يقدّمه إليه رضا اللّه‏ تعالى ؛ و إنّما قال عليه‏السلام ذلك لأنّ الإمام العادل يَجري حُكمُه على عامَّة المسلمين، فصَلاحهم۲ مربوط بصلاحه ؛ و إذا كان له وزير يَعتمد عليه، و هو يراعي جانبَ اللّه‏ تعالى، فلا يحسِّن له قبيحا، و لا يقبِّح له حسنا، و لا يحقِّق باطلاً، و لا يُبطِل حقّا، بل يَتكلّم إعانةً للحقّ و قَمعا للباطل، كان شريكَه في كلّ خير يَفعله، و لا يَكاد يَعلم قدرَ ثوابه إلاّ اللّه‏ تعالى، فكذلك حالُ الوزير الّذي يظافِره و يظاهره.

و فائدة الحديث: إعلام عِظَمِ أجر الوزير الصالح إذا ناصَحَ الإمامَ العادل، و قَدَّمَ إلى رأيه الصلاحَ و الفلاح.

و راوية الحديث: عائشة.

۵۳۲.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا مِنْ مُؤمِنٍ إِلاَّ وَ لَهُ ذَنْبٌ يُصيبُهُ الفَينَةَ بَعدَ الفَينَةِ لاَ يُفارِقُهُ حَتَّى يُفارِقَ الدُّنيا.۳

/۳۴۸/ «الذَّنْب»: الجُرم، و كأنّه مِن ذَنَبَه إذا أصاب ذَنَبَه، فكأنّ للجُرْم ذَنَبا تَسُوق إصابتُه إلى مرتكِبه الكراهةَ، و لذلك سُمِّيَ تَبِعَةً لما يَتْبعه مِن سوء العاقبة. و «الفَيْنَةُ»: الساعة، و يُجْمَع فَيْناتٍ، و الفَينةَ بعد الفَينة أي الحِينَ بعد الحين، قال الشاعر:

لكِ البيتُ إلاّ فَينةً تُحْسِنينَها۴

إذا حانَ مِن ضَيفٍ عَلَيَّ۵ نُزولُ۶

1.. التحرّي : قصد الأولى و الأحقّ ، و القصد و الاجتهاد في الطلب و العزمُ على تخصيص الشيء بالفعل و القول . لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۷۳ و ۱۷۴ حري .

2.. «ب» : فصلاحه .

3.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۴ ، ح ۸۰۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۸۹ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۲ ، ص ۴۴ .

4.. «ألف» : تحسنتها .

5.. في المصدر : ـ «عليّ» .

6.. نقل في كتاب الأزمنة و الأمكنة ، ص ۲۲۱ بدون تسمية الشاعر .


ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
360

۵۳۱.قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَا مِن رَجُلٍ مِنَ /۳۴۷/ المُسلِمينَ أَعظَمُ أَجراً مِن وَزيرٍ صَالِحٍ مَعَ إِمامٍ يُطيعُهُ وَ يَأمُرُهُ بِذاتِ اللّه‏ِ تَعالَى.۱

قوله عليه‏السلام: «بذات اللّه‏ تعالى» ليس ممّا يقوله أهل الكلام: الذات و النفس و العين عبارةٌ عن الشيء نفسِه في شيء. و تلك كلمة اصطَلحوا عليها تجوّزا مِن غير أن يكون لها أصل في العربيّة ؛ و ذلك لأنّ «ذو» في كلامهم على ضَربَين:

ضرب يُتوصّل به إلى الوصف بأسماء الأجناس، و يضاف إلى المُظهَر دون المُضمَر، و لذلك خَطَّؤوا قولَ القائل: إنّما يَعرف ذا الفضل مِن الناس ذَووه.۲ و هو يُثنّى و يجمع. و تقول في المؤنّث: ذاتُ كذا، و في التثنية: ذَواتا، و في الجمع: ذواتٌ.

و الضرب الآخر: «ذو» بمعنى «الّذي»، و هي لغة طائيّة، و لا يوصَف بها إلاّ المَعارف دون النكَرات، بل هي وَصْف محذوف، و التقدير: و يأمره بالأمرة ذاتِ رضا اللّه‏ تعالى، و بالكلمة ذاتِ إرادة اللّه‏ تعالى، و هو من أحسن الحُذوف ؛ لأنّ الحذف الأوّل هو حذف الموصوف و إقامةُ الصفة مقامه كقوله۳ تعالى: «وَ دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا»۴ أي: و جنّة دانية. و الحذف الثاني حذف المضاف، و إقامة المضاف إليه مقامه، و كلاهما كثير /۳۲۱/سائغ۵، و هذه الكلمة قد جاءت كثيرةً، قال اللّه‏ تعالى: «وَ أَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ»۶، و فُسّرتْ۷: بحقيقة وصلكم، و تحقيقها ما تقدّم، و اللّه‏ أعلم بمراده، و هذا الموضع لا يَحتمل أكثرَ من هذا، و إلاّ فالكلام في ذو و ذات طويلٌ و۸ عريض، و كُتُب النحو أولى به ممّا نحن بصدده، و إنّما

1.. مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۳ و ۲۴ ، ح ۸۰۷ و ۸۰۸ و فيه : ـ «عادل» . تاريخ بغداد ، ج ۶ ، ص ۸۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۶ ،ص ۸۱ ، ح ۱۴۹۳۳ ؛ و ص ۸۴ ، ح ۱۴۹۴۶ (مع اختلاف في الأخير) .

2.. قاله أبو العناهية . راجع : عيون الأخبار ، ج ۳ ، ص ۲۱۷ .

3.. «ألف» : لقوله .

4.. الإنسان ۷۶ : ۱۴ .

5.. «ألف» : متسائغ .

6.. الأنفال ۸ : ۱ .

7.. «ألف» : فسّر .

8.. «ب» : ـ و .

  • نام منبع :
    ضوء الشهاب في شرح الشِّهاب المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: الإمام السید ضیاء الدین أبو الرضا فضل الله بن علیّ بن عبید الله الحسنی الراوندی؛ تحقیق: مهدي سليماني آشتياني
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1397
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2074
صفحه از 488
پرینت  ارسال به